«فمن ذا الذي لا يحبك أيتها التوبة، يا حاملة جميع التطويبات، إلا الشيطان، لأنك غنمت غناه، وأضعت قناياه، وجعلتِهِ فقيراً معذباً من كسبهِ، وفارغاً من الإرثِ الذي سباه بغير حقٍ. ذاك هو مبغضُك بالحقِ، لأنك دائماً تضادينه، فما من إنسانٍ وقع بين يديه، ولحقتِ به، وصار فريسةً لغذائه؛ وما من إنسانٍ دعاكِ وهو بين أسنانه، إلا وتكسرين أسنانه، وتخلصيه. كما أنه ما من أحدٍ بلعه، فصرخ نحوك، إلا وشققتِ بطنه وأخرجتِهِ، وما من شخصٍ ربطه، إلا وعاجلاً قطعتِ أغلالَه وحللتِهِ. وما من إنسانٍ صاده وأنت بعيدة، ودعاك، إلا وبسرعةٍ لحقتِ به وخلصتِهِ. من أجل هذا، هو يبغضُكِ، لأنك بالأكثر أبغضتِهِ، يبغضُكِ لأنك كلَّ حينٍ تقفين ضده. يبغضُكِ لأنه مبغضٌ لمعطيكِ، وأنتِ أيضاً ضده كما أن صاحبَك ضده كذلك».
«ليس مَن تمسَّك برجائِك، ونزل إلى الجحيمِ، ولا مَن صعد إلى السماءِ بدونِك. من يرى اللهَ بغيرِك؟ مَن تمسَّك برجائك ووقع في يدِ الشيطانِ؟ ومَن تطهَّر ولم تكوني أنت التي غسلتِهِ؟ مَن تقدم لمطهرتك، ووُجدَ فهي نجاسةٌ؟ مَن الذي سقى زرعَه من مطرِك، ولم يحصد منه أثمارَ الفرحِ؟ مَن ذا الذي تقدَّم لطبك، ولم يكن بعيداً من كلِّ العاهات؟ ومن صبغَ كلَّ ساعةٍ وجهَه بقطراتك، ولم يبصر اللهَ في قلبهِ؟ مَن ذا الذي عدم تذوق مشروبك ولم يبصر قلبُه ينبوعَ الظلامِ؟ من نال طلباته ولم تكوني أنتِ التي رفعتِ من شأنه؟ مَن اتخذك شفيعةً ولم تفتحي أمامَه أبوابَ خزائنِ الله؟ ليس مَن أخذك معه في القتالِ، إلا وأسلمت أعداءَه تحت حربتِه. ليس من لبسك مقابل مضاديه، إلا وانهزم قدامه مبغضوه».