وقال أيضاً: لا تنم يا أخي، لئلا يفوتك القائل: «هو ذا الختن قد أقبل، اخرجن للقائِه». وكيف تستطيع أن تقول في ذلك الوقتِ إني مشغولٌ، وهو قد صيَّرك بلا همٍّ، ولكنك تلقي بنفسِك في الهمومِ، فلن ينتظرك الزمانُ لتنوحَ على خطاياك. انتقل بفكرِك من هذا العالمِ البطال إلى العتيد. اترك الأرضيات واطلب السماويات. مت بالكمالِ لكي تحيا بالتمامِ بالمسيح يسوع ربنا. كلُّ من لا يحتمل المحقرةَ والتبكيتَ والإهانةَ، فإن الإنسانَ العتيقَ لا زال حياً فيه بعد. إن أردتَ أن تتلذذَ بنِعمِ اللهِ، احرص بكلِّ جهدِك على أن تُبعدَ عنك كلَّ لذةٍ جسديةٍ. إنسانٌ ساكتٌ، يجبُ عليه ألا يحسبَ نفسَه شيئاً. إن زلَّ الجاهلُ في كلامِه فهو معذورٌ من الكلِّ، وإن زلَّ الراهبُ فلن يقدرَ أحدٌ أن يعذرَه.
من أقوال الأنبا أوغريس: «من يقول إنه قد اقتنى فضيلةً بغيرِ جهادٍ، فهو إلى الآن ممسوكٌ في الآلامِ، لأن شرَّ الأعداءِ هو قبالة أتعابِ الفضيلةِ، والقلبُ الذي ليس به قتالٌ، ليست فيه فضيلةٌ ولا شجاعةٌ. وكما أنَّ الإنسانَ البراني يعملُ شغلَ اليدِ كي لا يحتاج، هكذا الجواني يعملُ لئلا يثقل العقل، لأن الأفكارَ إذا وجدت النفسَ بطالةً من تذكارِ اللهِ، حينئذ يُذكِّرونها بالأفعالِ الرديئةِ. الوديعُ ولو صنعوا به الشرَّ، فلن يتخلى من المحبةِ. الذي ليس فيه قنيةٌ، له حياة بلا اهتمامٍ، أما المحبُ القنية، فله تنغيصٌ في قلبهِ، الذي هو الاهتمام.