عرض مشاركة واحدة
قديم 18 - 10 - 2017, 11:24 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

قال أحدُ الإخوةِ لقومٍ من الرهبانِ: «هل رأيتم قط أكذَبَ من شقوتي؟»، قالوا: «وما السبب؟»، قال لهم: «إذا أنا وقفتُ أصلي فإني أرفعُ يدي ونظري إلى فوق وأبكي وأقول إنه يسمعَ الطلبةَ ويرحم البكاءَ؛ وفي الوقتِ الذي أخطئ فيه، أقول: إنه لا يراني، وبهذا السببِ نَبَتَ عندي كذبٌ نفسي».
كان لأحدِ المتوحدين في البريةِ خديمٌ علماني يبيع له عملَ يديه، ويُحضر له ما يحتاجه، وكان في المدينةِ بالقربِ منه رجلٌ غنيٌ جداً، ولكنه كان مذمومَ الطريقِ، قليلَ الرحمةِ. وفي أحدِ الأيامِ، سار العلماني إلى المدينةِ كعادتِه ليبيعَ شُغلَ المتوحدِ، فوجدَ جنازةً عظيمةً، والأسقف يتقدمها، وجماعةُ الكهنةِ وكلُّ أهلِ المدينةِ، فاستخبرَ عن ميتِ تلك الجنازةِ، فقيل له إنه فلان الغني كبيرُ المدينةِ، فمشى مع الجنازةِ إلى القبرِ، وكان معهم شموعٌ وبخورٌ بكمياتٍ كبيرةٍ، فعجب لذلك. وبعد أن رجع، أخذ حاجةَ المتوحدِ ومضى إليه، فوجده ملقىً على وجههِ ميتاً، والضبعة تجرُّه من رجليه، فبكى بكاءً مراً، وألقى بنفسِه على الأرضِ وقال: «إني لن أقومَ حتى تعرِّفني هذا الحكمَ، فذلك الغني القليل الرحمةِ، كان له كلُّ ذلك المجدِ والكرامةِ في موتِه، وهذا المتوحدُ الذي لم يزل متعبداً لك ليلاً ونهاراً، تخرجه هذه الضبعةُ هكذا وتجرُّه من رجليه»؟! وفيما هو يقولُ ذلك، ظهر له ملاكٌ قائلاً: «ومن أنت حتى تعارضَ الربَّ وتُعيبَ حكمَه، ولكن لأجلِ تعبك مع هذا المتوحد القديس، وخدمتك له، ها أنا أعرِّفك السببَ. إنَّ ذلك الغني مع قلةِ خيرِهِ، وقلةِ رحمتهِ، فقد عَمِلَ في عمرِهِ كلِّه حسنةً واحدةً مع الأسقفِ، والربُّ ليس بظالمٍ، فأراد أن يعوِّضه عنها في هذه الدنيا، حتى لا يكون له عنده شيءٌ؛ أما هذا المتوحد القديس، فقد كانت له زَلَّةٌ صغيرةٌ، صنعها في كلِّ عمرِهِ، فجوزي عنها ههنا بهذه الميتة، حتى يكونَ قدام اللهِ نقياً»، فنهضَ الرجلُ شاكراً اللهَ، قائلاً: «عادلةٌ هي أحكامك».
  رد مع اقتباس