قيل عن أخٍ: إنه كان تحت طاعةِ شيخٍ، فأقام ثمانيَ وعشرينَ سنةً يخدمه ولم يُغضبه يوماً واحداً ولا عصي له أمراً. وأخيراً، تدبَّر له إبليس في ضميرٍ رديء وقال له: «إن أباك خاطئٌ، ولن تخلصَ على يديه». فلما أقنعه، مضى وسكن في قلايةٍ وحده. وفي كمالِ ثلاثة أيامٍ مات وأخذوه إلى العذابِ، فسأل الشيخُ اللهَ من أجلِهِ، إن كان قد وجدَ رحمةً أم لا، فعرف بواسطةِ ملاكٍ أنه قد أُلقيَ في العذابِ، فسأل الشيخُ اللهَ قائلاً: «يا سيدي، لا تضيع تعبي فيه من أجلِ هذه الثلاثة أيامٍ». فقال له الملاكُ: «إن هذه الثماني والعشرين سنة التي خدمك فيها، كان يؤمن بك فيها، ولكنه الآن أطاع الشيطانَ وافترق منك وأقامَ هذه الثلاثة أيام معادياً لك في قلبهِ، فلما أخذه اللهُ، أصاب العداوةَ فيه، من أجلِ هذا، ألقاه في العذابِ».
قال أنبا مقاريوس: «نفسُ الإنسانِ غير الكامل في الفضائلِ نجدها نقيةً كالشمسِ من قبل أن تلحقه كلمةٌ رديئةٌ، فإذا سمع كلمةً رديئةً أو نميمةً، للوقت تغطي الشياطين على عقلِه، وتحجب عنه النورَ، وتصيِّره شقياً، بسبب أن نفسَه متزعزعةٌ، وفضائلَه ناقصةٌ».
قال أنبا أبرام: ساعةُ الموتِ مرهوبةٌ، وهي تأتي على الإنسانِ مثل الفخِ، حينئذ يلحق النفسَ ندمٌ عظيمٌ، وتقول: «كيف جُزتُ أيامي وأنا مشغولةٌ بالأعمالِ الفارغة التي لا منفعةَ فيها»؟
قال أنبا بيمين: «إذا أخذ الإنسانُ حيةً ووضعها في قارورةٍ، وغطى فمها، فإنها تموتُ، هكذا الأفكارُ الرديئةُ، إذا قامت على الإنسانِ فالصبرُ والجهادُ يهلكانها».