من كلامِ الأب المعروف بالشيخِ: «الصيادُ الذي يصطادُ الصيدَ، يَبذر الطُعمَ على فخِهِ، وحينئذ يستطيع أن يصطادَه، والمتوحد بحنجرتهِ يصطاده الماردُ. فمِن أبيك (آدم) افهم وافحص بماذا اصطاده، لتتعلمََ أنت كيف تحاربه. المتوحدُ الذي يملأ بطنَه، هو راعي خنازير، وكثيرةٌ وشريرةٌ هي رعيته. الآلام مشتبكٌ بعضُها ببعضٍ أيها الإخوة، فمن يخضع لوجعٍ ما، فحتماً يكون عبداً لرفيقه، فينبوعُ جميع الآلامِ كبر البطن، فلا تملأ بطنَك كثيراً، لئلا يعذبك الزنى، ولا تُضعف جسدَك، لئلا يفرح بك مبغضوك. أمسك برتبةٍ معتدلةٍ، وأنت سالكٌ في الطريق الملوكي، وحينئذ يكون سيرُك بغيرِ خوفٍ، لأنه كما أن المصابَ بمرض الحمى تنفر نيتُه مما يُقدم له من الأطعمةِ الشهيةِ، فلا تلذ له، كذلك شهوةُ الطبيعةِ إن أُضعِفَت بسببِ نقصانِ الغذاءِ، وجلب لها الشياطينُ ذِكرَ الوجوهِ، والصورَ المحرِكةَ للأوجاعِ، فإننا نَلبَث بغيرِ عيبٍ، إذ تنفر نيتُنا من شهوةِ الزنى، لأن الوجعَ الطبيعي ضعيفٌ من الأغذيةِ الحقيرةِ، فبنقصِ الغذاءِ تضعُف الآلام، وبذكر اللهِ تهلك وتموت، هذا هو السيفُ القاتلُ لها. فمن يملأ بطنَه ويطيعُ هذا الوجع، فإنه عبدٌ إذا خضع، ويصبح جالباً للأوجاعِ. أما إذا غلب هذا الوجعَ، فبسهولةٍ يغلب جميعَها. هذا هو ينبوعُ الزنى وحبّ الفضةِ، وسُبح الناسِ، وطلب كثرةِ الكرامةِ، والحسد والقتل، وجميع الشرورِ بسببها يمتلئ جحيمُها. هذا كلُّه تفعله الذئبةُ المفسدةُ (أي البطن)، فلنعذِّبها لئلا تعذبنا هي، لأننا إذا ملأناها كثيراً، يكثر الزبلُ الذي هو تلك الأثمار المنتنة، التي تصدر عنها. فانظر يا أخي، فإن هذه هي نهاية جميعِ أعمالِ العالمِ، إذن مثلُ حكيمٍ دبِّر حياتَك فيما أنت محتاجٌ إليه».