قال شيخٌ: «أنا قلتُ لنفسي يوم خروجي من العالم: إني اليومَ وُلدتُ، واليوم بدأتُ بعبوديةِ الربِّ. كذلك كن كلَّ يومٍ بمنزلةِ الغريب، الذي يترجّى الرجوع بالغداةِ».
لقي أنبا جراسيموس امرأةً في البريةِ عريانةً، فلما أبصرته توارت عنه، لكنه أراد أن يكلِّمها، فتوارت خلفَ صخرةٍ وكلَّمته. فقال لها: «كم لكِ في هذه البريةِ»؟ قالت: «خمسون سنةً». قال لها: «ماذا كان غذاؤكِ»؟ قالت: «إن الخالقَ لا يُضيعُ ما خلق». قال لها: «فماذا أبصرتِ في هذه البريةِ»؟ قالت: «ما أبصرتُ غيرَ المسيحِ وأعماله وصنائعه». قال لها: «ففيما الخلاص»؟ قالت: «في تركِ ما أنت فيه». قال لها: «وما هو»؟ قالت: «شغلك بالبكاءِ على خطاياك، أولى من سؤالك امرأةٍ عما لا ينفعك». قال لها: «صدقتِ»، وعمل مطانية، وانصرف.