قيل عن أنبا قاسيانوس: إنه أخذ مرةً تليساً، ومضى إلى الأندر مع الحصَّادين، وقال لصاحبِ الأندر: «أعطني قمحاً». فقال له: «لماذا لم تأتِ لتحصدَ، فكنتَ تستحقَ أن تأخذَ». فقال له الشيخُ: «هل إذا لم يحصد الإنسانُ لا يأخذ أجرةً»؟ قال: «لا يأخذ». فما كان من الشيخِ إلا أن انصرف، فقال له الإخوةُ الذين عاينوا ما حدث: «لماذا فعلتَ هكذا يا أبانا»؟ فقال لهم: «سُنَّةً صنعتُها لنفسي وهي: إن لم يعمل الإنسانُ ويتعب، فلن يأخذَ أجرَه من اللهِ».
كان لراهبٍ ثوبٌ جيدٌ، فتصدَّقَ به على مسكينٍ، وبعد يومٍ مرَّ الراهبُ بالمدينةِ، فأبصرَ ثوبَه على زانيةٍ، فحزِنَ جداً، فتراءى له ملاكُ الربِّ وقال له: «لا تحزن لأجلِ أنَّ ثوبَك لَبستْهُ زانيةٌ، لأنك ساعةَ دَفعتَهُ لذلك المسكينِ لبسه المسيحُ، وإن كان ذاك قد أعطاه لزانيةٍ، فهو يحملُ إثمَه على نفسِه».