عرض مشاركة واحدة
قديم 18 - 10 - 2017, 11:01 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

قال شيخٌ: «إن جاءك إحساسٌ بالعظمةِ وبدأتَ تفتخر، فانظر في نفسِك هل حفظتَ الوصايا، أن تحبَّ مبغضيك وتفرح بصلاحِ عدوك وتحزن لحزنه وتحسب نفسَك عبداً بطالاً، وأنك أخطأ كلِّ الناسِ، وأن لا تفتخر إذا قوَّمتَ كلَّ صلاحٍ؛ حيث أنه يجب أن تعلم أن هذا الإحساسَ يُهلك ويُبطل جميعَ الحسنات».
قال أنبا بيمين: «كما أن الأرضَ لا تسقط لأنها أسفل، هكذا من يضع نفسَه لا يسقط».
وسأله أخٌ: «كيف أستطيع ألا أقع في الناسِ»؟ فقال له: «إذا لام الإنسانُ نفسَه حينئذ يكون عنده أخوه أكرمَ منه وأفضلَ، وإذا ظن في نفسِه أنه صالحٌ، حينئذ يكون عنده أخوه حقيراً ومهاناً ويقع فيه».
قال شيخٌ: «احذر بكلِّ قوتك ألاَّ تقل شيئاً يستحقُ اللائمةَ، ولا تحب التصنع».
وقال أيضاً: «إن نزل الاتضاعُ إلى الجحيمِ فإنه يصعد حتى السماءِ، وإذا صعدت العظمةُ إلى السماءِ فإنها تنزل حتى الجحيمِ».
سأل أخٌ أنبا ألينس في معنى تحقيرِ الإنسانِ نفسه فقال له: «هو أن ترى كلَّ الخليقةِ حتى البهائم أخيرَ منك، وتعلم أنهم لا يدانوا».
قال شيخٌ: «أُحبُّ أن أكونَ مغلوباً باتضاع أفضلَ من أن أكونَ غالباً بافتخار».
وقال آخر: «لو لم يخضع يوسف للعبوديةِ أولاً، لما صار لمصرَ سيداً، وإن لم يُخضع الراهبُ نفسَه للعبوديةِ أولاً بكلِّ تذللٍ ومحقرةٍٍ، فلن يصيرَ سيداً على الأوجاعِ، ولن تخضعَ له الشياطينُ».
من سيرةِ الأب باخوميوس: في بعضِ الأحيانِ ظهر الشيطانُ للأب باخوميوس يتجلى بصورةِ السيدِ المسيحِ، وقال له: «افرح يا باخوميوس لأني جئتُ لافتقادِك». ففكر في نفسِه قائلاً: «من شأنِ المناظرِ الإلهيةِ أنها من لذةِ بهجتِها وحلاوةِ نعيمِها تسبي تخيل مستحقيها إليها ولا يبقى لهم فكرٌ آخر، ولكن أفكاري الآن تروي فنوناً وألواناً». فلما وجده الشيطانُ مفكراً، أخذ في استئصالِ أفكاره، فقال الأب في نفسِه: «إني كنتُ أفكرُ أفكاراً والآن فلا وجود لها». وإذ قال ذلك في نفسِه قام إلى الشيطانِ وهو باسطٌ يده كمن يريد أن يمسكَه، وفي الحال صار كدخانٍ وتلاشى.
قيل عن أحدِ الآباءِ إن الشيطانَ تراءى له في شبهِ ملاكٍ نوراني وقال له: «أنا غبريال، قد أُرسلت إليك». أجاب الشيخُ: «لعلك أُرسلت إلى غيري وأما أنا فخاطئٌ». فلما سمع الشيطانُ هذا الكلام منه باتضاعٍ، اختفى ولم يره.
كان أحدُ الشيوخِ جالساً في قلايتهِ مجاهداً، وكان ينظرُ الشياطينَ عياناً ويحتقرهم، فلما رأى إبليسُ نفسَه مقهوراً من الشيخِ، ظهر له قائلاً: «أنا هو المسيحُ». فأغمض الشيخُ عينيه، فقال له الشيطانُ: «أنا المسيح، وتغمض عينيك»؟ فأجابه الشيخُ قائلاً: «لا أريدُ أن أبصرَ المسيحَ ههنا». فلما سمع إبليسُ منه ذلك، غاب عنه.
قال أنبا أور: إني أبصرتُ إنساناً في البريةِ خَيَّلت له الشياطينُ طغماتَ ملائكةٍ ومراكبَ حافلةً، وملكاً في وسطهم، فقال له: «أيها الإنسانُ، لقد أتقنتَ كلَّ شيءٍ، إذن خرَّ لي ساجداً وأنا أرفعك كما رفعتُ إيليا». فقال الراهبُ في فكرِه: «أنا في كلِّ يومٍ أسجدُ لملكي المسيح، فلو كان هذا هو المسيح حقاً، لما التمس مني السجودَ الآن». ولما جال هذا في فكرِه قال: «إن ملكي هو المسيح وأنا دائماً أسجدُ له، وأما أنت فلستَ ملكي». ولما قال هذا الكلامَ، تلاشى ذلك الخيالُ للوقتِ، هذا ما شرحه ذلك الأب كأنه عن غيرِه، وأما الآباء الذين كانوا معه فقالوا: «إنه هو الذي رأى ذلك».
حكى راهبٌ تقي قائلاً: إني في حالِ سفري لأسجدَ في أورشليم جئتُ إلى موضعٍ حيث كان هناك جَرفٌ عالٍ وفيه مغارةٌ، ومن تحتهِ يوجد ديرٌ، فدخلتُ إليه، فقال لي سكانُه إن أحدَ الرهبانِ أراد أن يسكنَ تلك المغارةَ، وسأل الرئيسَ في ذلك، فقال له: «يا ولدي، إنك لا تقدر أن تسكنَ المغارةَ، لأنك لم تُخضِع أسقامَ نفسِك بعد، ولا آلامَ جسمِك للقوةِ الناطقةِ، كما أنك لا زلتَ تجهل حيلَ إبليسِ المتفننةِ، فالأجود لك أن تقيمَ بالديرِ، وتخدم آباءَك وتربح صلواتِهم ولا تبقى وحدَك مقاتِلاً شياطين خبثاء». ولكنه لم يقتنع، فأفسحَ له الرئيسُ في ذلك، وصعد إلى المغارةِ ورفع السُّلمَ. وكان أحدُ الإخوةِ يُحضر له طعاماً ويرفعه في زنبيلٍ. ثم أن إبليسَ، الذي لم يزل محارباً للسالكين طريقَ الفضيلةِ، دبَّر له وهقاً ليرميه في هوةِ الكبرياءِ ويأخذه أسيراً، فظهر له في شكلِ ملاكٍ نوراني وقال له: «اعلم أيها الأخ، إنه لطُهرِ نيَّتِك وشرفِ سيرتك، أرسلني الربُّ خادماً لقدسِكَ». فأجابه الراهبُ: «وما الذي فعلتُه حتى تخدمني ملائكةٌ»؟ قال له ذاك: «إن جميعَ أعمالِك جليلةٌ عظيمةٌ، ازدريتَ بزخارف العالمِ، وتنسَّكتَ، وتوافرتَ على الصومِ والصلاةِ والسهرِ، ثم انعزلتَ عن الرهبانِ، وسكنتَ وحدَك في هذا الموضعِ، فكيف لا تخدمك ملائكةٌ»؟ بهذه الأقوالِ وأمثالِها نفخ التنينُ في ذلك الراهبِ، وصار يأتيه في كلِّ يومٍ ويخاطبه بمثلِ هذا الكلامِ. ثم أنه حدث في بعضِ الأيامِ أن رجلاً وقع بين اللصوصِ وسلبوا مالَه، فهذا جاء إليه، فتقدَّم إبليسُ وجاء إليه في صورةِ ملاكٍ وقال له: «إن إنساناً مقبلاً إليك سرق اللصوصُ بيتَه ووضعوا ما أخذوه منه في مكانِ كيت وكيت». فأتى الرجلُ وسجد تحت المغارةِ فأجابه الراهبُ من فوق: «مرحباً بك يا أخي، قد عرفتُ حزنَك، إن لصوصاً أخذوا حاجاتك وهي كذا وكذا، وهي مخبأةٌ في المكانِ الفلاني، امضِ خذها وصلِّ عليَّ». فرجع الرجلُ إلى ذلك المكانِ ولما وجد أشياءَه ذُهِلَ، وأشاع الخبرَ بين الناسِ أن الراهبَ ساكنَ المغارةِ يعلمُ الغيبَ. فأقبل إليه جمعٌ غفيرٌ، رجالاً ونساءً وأحداثاً متسائلين، ودخل فيه الشيطانُ وصار يُخبر كلَّ واحدٍ بما ناله في زمانهِ، وبما يناله. فلما سمع رهبانُ ديرِه عجبوا كيف بلغ هذه المنزلةَ في زمنٍ يسيرٍ.
وفي يومٍ الاثنين ثاني أسبوعِ القيامةِ، ظهر له إبليسُ وقال له: «اعلم أيها الأبُ، إنه لحسنِ سيرتِك فإن ملائكةً كثيرين مرسَلون خلفَك ليحملوك إلى السماءِ حتى تعاين المجالَ الذي هناك. وإن الإله المتحنن لم يشأ هلاكَه، فألهمه أن يُطْلِعَ الرئيسَ على هذا الأمرِ، فراسله بيد الأخِ الذي يأتيه بالطعامِ، فلما سمع الرئيسُ بذلك أسرعَ بالمضي إليه وقال له: «يا ولدي لماذا استدعيتني»؟ فأجابه قائلاً: «بماذا أكافئُك يا أبي عن جميعِ ما عملتَه مع حقارتي»؟ فأجابه الرئيسُ: «وماذا عملتُ معك من الخيرِ»؟ فقال له: «خَيْرُك عليَّ كثيرٌ: بك استحققتُ لبس هذا الزي، بك سكنتُ هذه المغارةَ، بك بلغتُ أن أنظرَ ملائكةً، بك أُلهمتُ بعلمِ الغيبِ». فلما سمع ذلك قال له: «أأنت يا شقي تنظر ملائكةً وتعلم الغيبَ؟ أما قلتُ لك لا تصعد إلى المغارةِ لئلا تُضلك الشياطين»؟ فقال الراهبُ: «لا تقل هكذا يا أبي المكرَّم، إني بصلواتِك أنظرُ ملائكةً، وفي يوم الصعودِ ها أنا عتيدٌ أن أرتفعَ معهم إلى السماءِ بجسدي هذا، وإذا وصلتُ إلى هناك فإني أسألُ ربي يسوعَ المسيحَ أن يأمرَ بأن ترفعَك الملائكةُ أنت أيضاً، لتكونَ معي تعاين المجدَ الذي هناك». فلما سمع الرئيسُ هذا لطم على وجهِه وحدَّثه قائلاً: «لقد جُننتَ يا شقي، وضاع رُشدُك، ولكن على كلِّ حالٍ ها أنا مقيمٌ معك حتى أعاينَ آخِرَ أمرك، فإذا رأيتَ ملائكتَك الأرجاس، أعلمني». ثم أنه أمر برفعِ السُّلم، وأقام معه مصلياً الإبصالتس وصائماً، فلما كان اليومُ المُعيَّن لارتفاعِه نظر الشياطينَ قادمةً إليه، فقال: «لقد جاءوا أيها الأب». حينئذ احتضنه الرئيسُ وصرخ بصوتٍ جهوري: «أيها الرب يسوع المسيح ابن الله، آزر الأخَ المخدوعَ». فأرادوا أخذَه من يدِ الرئيسِ، فزجرهم باسمِ الربِّ، فما كان منهم إلا أن أخذوا وزرةَ الأخِ وغابوا مقدارَ ساعةٍ، وإذا بالوزرةِ ساقطةٌ نحو الأرضِ. فقال له الرئيسُ: «أنظرتَ يا شقي ماذا فعل الشياطينُ بوزرتِك؟ هكذا أرادوا أن يعملوا بك». ثم أنه أحضر السُّلم وأنزل الأخَ معه إلى الديرِ ورسم له أن يخدمَ في المخبزِ والمطبخِ مدة سنة، وبذلك ذلَّل فكرَه.
قال القديس قاسيانوس الرومي: «كان إنسانٌ شيخٌ اسمه إيرنيس، هذا منذ أيامٍ قلائل، كابدَ سقطةً يُرثى لها قدام أعيننا، إذ هزأت به الشياطين، فهبط من تلك الرفعةِ إلى قعرِ الجحيمِ بسببِ شظفِ الطريقِ الذي سلكه، إذ سكن البراري مدة خمسين سنةً مستعملاً تقشف السيرةِ والنسك، طالباً أبداً أطرافَ البريةِ والتفرّدَ أكثر من كلِّ أحدٍ، فهذا بعد الأتعابِ الكثيرةِ، تلاعب به إبليسُ وطرحه في سقطةٍ ثقيلةٍ، وسبَّب به للآباءِ القدماء الذين في البريةِ ولكلِّ الإخوةِ مناحةً عظيمةً، ولو أنه استعمل الإفرازَ لما لحقه ما قد لحقه. وذلك أنه تبع فكرَه في الأصوامِ والانفرادِ بعيداً عن الناسِ لدرجةِ أنه حتى ولا في يومِ الفصحِ المجيد كان يجيء مع باقي الآباءِ إلى الكنيسةِ كي لا يضطره الحالُ إلى أن يأكلَ مع الآباء شيئاً مما يوضع على المائدةِ، مثل قطاني أو غيره، لئلا يسقط عن الحدِّ الذي حدَّده لنفسِه من النسكِ، فهذا ظهر له الشيطانُ بشبهِ ملاكِ نورٍ، فسجد له وأقنعه أن يرمي نفسَه في بئرٍ عميقةٍ ليتحققَ عملياً عناية الله، وأنه لن يلحقه ضررٌ عظيمٌ لعِظم فضيلتهِ، ولما لم يميز بفكرِه من هو هذا المشير عليه بهذه المشورةِ لظلامِ عقلهِ، فطرح نفسَه في بئرٍ في منتصفِ الليلِ، وبعد زمانٍ عرف الإخوةُ أمرَه، وبالكدِّ والتعبِ الكثيرِ انتشلوه وهو بين الحياةِ والموتِ، ولم يعش بعد ذلك سوى يومين ومات في اليومِ الثالثِ، وخلَّف للإخوةِ حزناً ليس بقليلٍ. أما الأب بفنوتيوس، فلما بعثته محبتُه للبشرِ، أمر بأن يُقدَّم عنه قربانٌ مثل المتنيحين، ذاكراً أتعابَه الكثيرة وصبرَه على شقاءِ البريةِ».
وراهبٌ آخر كان ينظر دائماً في قلايتهِ ضوءَ سراجٍ، فانقاد لعدم التمييز، وقَبِلَ في بعضِ الأوقاتِ شيطاناً على أنه ملاكٌ، فأمره ذلك الشيطانُ أن يُقدِّمَ للهِ ولداً له كان معه في الديرِ لينال بذلك كرامةَ أبي الآباءِ إبراهيم. فانقاد لهذه المشورةِ لدرجةِ أنه كاد يتمِّمها بالفعلِ، لولا أن الغلامَ نظره يسنُّ السكينَ بخلافِ العادةِ ويُجَهِّز ما يربطه به، فهرب منه ونجا.
  رد مع اقتباس