عرض مشاركة واحدة
قديم 18 - 10 - 2017, 11:00 AM   رقم المشاركة : ( 223 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

كان أحدُ الرهبانِ صامتاً وقد شاع فضلُه وعملُه، فزاره في أحدِ الأيامِ اثنان من الفلاسفةِ، فقام وصلَّى وسلَّم عليهما وجلس صامتاً يُضَفِّر الخوصَ ولا يرفع نظرَه إليهما، فقالا له: «يا معلم، انفعنا ولو بكلمةٍ واحدةٍ لأننا لهذا أتينا إليك». فأجابهم الراهبُ قائلاً: «اعلما أنكما أفنيتما أموالَكما لتتعلما فخرَ الكلامِ وتحسينَه، وأما أنا فقد أهملتُ العالمَ وأتيتُ إلى ههنا لا لأقتني جَوْدَةَ الكلامِ بل السكوتَ». فلما سمعا قوله أُعجبا كثيراً وانصرفا منتفعيْن منه.
جلس راهبٌ من الرهبانِ في البريةِ صامتاً في قلايته، فضغط عليه الضجرُ وأقلقه الفكرُ وضيَّق عليه شديداً حاثاً إياه على الخروجِ منها. فقال في ذاتِه: «يا نفسي لا تضجري من الجلوسِ في القلايةِ، وإن كنتِ لا تعملين شيئاً، يكفيكِ هذا، أنكِ لا تُحزنينَ أحداً. ولا أحدٌ يُحزنك، فاعرفي كم من الشرورِ خلَّصكِ الله، لأن في سكوتِك وصلاتِك لله تكونين بلا همٍّ يشغلك ولا تتكلمين كلاماً باطلاً، ولا تسمعين ما لا ينفعك ولا تبصرين ما يضرك، وإنما قتالكِ واحدٌ، وهو قتالُ القلبِ، والله قادرٌ أن يبطلَه، وإذا اقتنيتِ الاتضاعَ عرفتِ ضعفك». فعند افتكار الأخ بهذا، صار له عزاءٌ كثيرٌ في صلاتِهِ.
في بعضِ الأوقات قوتل أنبا مقاريوس بالعظمةِ وهو في قلايتهِ. وحثه فكرهُ على الخروج منها، والذهاب إلى رومية لينفع كثيرين بحسب ما أملته عليه أفكارُ العظمةِ. فلما ألحت عليه الأفكارُ بذلك، ألقى بنفسِهِ داخل قلايتِهِ عند بابِها، وأخرج رجليه من البابِ، ثم قال لأفكارِ العظمةِ: «أخرجوني إن قدرتم، فإني لن أخرج طائعاً، فإن لم يمكنكم ذلك فلن أطيعَكم». ولم يزل ملقى وهو يقول هذا الكلام إلى الليلِ حيث اشتد عليه القتال والأفكار. وأخيراً أخذ قفةً وملأها رملاً وحملها، وأخذ يطوف بها البريةَ حتى لقيه القديس فسطوس، فقال له: «ماذا تحملُ يا أبتاه، أعطني إياه، ولا تتعب أنت». فقال له: «أريد أن أشقي من يشقيني، فإنه إذا ما نالته الراحةُ سبَّب لي الأسفارَ والشقاءَ». واستمر هكذا إلى أن كفت عنه الأفكارُ. فرجع إلى قلايتِهِ وهو يشكر اللهَ.
سُئل شيخٌ: «لماذا تقاتلنا الشياطين جداً»؟ فقال: «لأننا طرحنا سلاحَنا أعني الطاعةَ والاتضاعَ والمسكنةَ».
قال شيخٌ: «إذا لم يأتِ علينا قتالٌ، حينئذ ينبغي لنا أن نتضعَ جداً، عالمين أن الله لمعرفتِه بضعفِنا رفع عنا القتالَ، وإن افتخرنا يرفع عنا سِتْرَه فنهلك».
سُئل شيخُ: «ما هو كمالُ الراهبِ»؟ فقال: «الاتضاع، فإذا بلغ الإنسانُ إلى الاتضاع فقد أتى إلى الكمالِ».
قال أحدُ الشيوخِ: «إذا قال الراهبُ لصاحبهِ: اغفر لي، باتضاعٍ، تحترق الشياطين».
  رد مع اقتباس