عرض مشاركة واحدة
قديم 18 - 10 - 2017, 10:38 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب بستان الرهبان

سأل أخٌ الأب أورانيوس قائلاً: «كيف يأتي خوفُ الله للنفسِ»؟ فأجابه وقال له: «إن اقتنى الإنسانُ التواضع، ورفض المقتنيات، ولم يدن أحداً، فإن خوفَ اللهِ يأتي للنفسِ».
وقال أيضاً: «يجب أن تقتني لنفسِك دائماً تواضعاً وفزعاً وكثرةَ نوحٍ، وقلةَ طعامٍ».
وحدث أيضاً لما كان مبتدئاً، أنه مضى إلى أحد الشيوخِ، وطلب منه كلمةً، فأجابه الشيخُ: «إن آثرتَ الخلاص، فإذا اتفق وجودك عند إنسانٍ فلا تتكلم قبل أن تُسأل». وإذ أدرك معنى الكلامِ، صنع مطانية للشيخ وقال: «لقد درستُ كتباً كثيرةً، ولكن مثل هذا الأدب لم أعرف بعد». وانطلق منتفعاً.
جاء عن الأب إلاديوس أنه أقام بالإسقيط عشرين سنةً بقلايةٍ، لم يرفع عينيه لينظرَ سقفَها، وكان طعامُه خبزاً وملحاً دائماً، وإذا وافت أيامُ الفصحِ، كان يقول: «إن الإخوةَ يأكلون خبزاً وملحاً، فعليَّ أن آكل خبزاً وأنا واقف».
قال الأب أوغاريتوس: «إذا كنتَ جالساً في قلايتِك فاجمع عقلَك، واذكر يومَ خروجِك من الدنيا، وتَفَطَّن في موتِك، وتَفَهَّم التجربةَ التي تحل بك. والزم التعبَ لترضي الله. واحتقر أمورَ هذا العالم الباطل، ليمكنك أن تكونَ في الصمتِ دائماً. ولا تضعف، واذكر أيضاً يومَ القيامةِ ولقاءَ الله، وذلك الحكم المفزع، وما ينال الخطاةُ من الخزي أمام الملائكةِ والقوات وجميع الخلائق، واذكر الجحيمَ، وفكِّر في الأنفسِ التي تصير فيه، وأيَّ مرارةٍ هناك، وأيَّ فزعٍ وضيقٍ يقاسيه الخطاةُ، بلا منفعةٍ من ذلك البكاء النفساني الذي ليس له انقضاء، والعذاب الدائم في النار التي لا تُطفأ، والدود الذي لا ينام، والظلمة القصوى وصرير الأسنان، واذكر أيضاً الخيرات المعدَّة للقديسين، والفرحَ الدائم في ملكوت السماوات، والنعيمَ الأبدي، وكن دائماً متذكِّراً الفريقين، أما على الخطاة فابكِ ونُح، وجاهد ألا تصير إلى ما صاروا إليه، وافرح بما أُعدَّ للصديقين، واحسد سيرتهم وأعد نفسَك لتدركَ ما أدركوه، انظر، لا تنسَ ذلك، إذا كنتَ داخل قلايتك أو خارجها، لكي ما تقاتل الأمراض الرديئة بهذه الذكريات العتيدة».
وقال أيضاً:«ليست الحاجةُ ماسةً إلى كثرةِ الكلام، لأن كثرةَ الكلامِ غريزةٌ في الناسِ دائماً، إنما الحاجة ماسة إلى العمل».
كما قال أيضاً: «اقطع نفسَك من مودَّةِ الكثيرين، لئلا يكون عقلُك مناصباً لك، فيقلقل عادة السكوت».
كذلك قال: «ما أعظم أن يكونَ الإنسانُ بغير طياشةٍ في صلاتهِ، وأعظم من ذلك، أن يكونَ تحت الخليقةِ كلِّها».
وأيضاً قال: «أقرن محبةَ اللاهوتية بالجوعِ، لأنه يأتي بالراهبِ إلى ميناءِ عدم الأوجاع».
وحدث مرةً أن انعقدَ بالإسقيط مجلسٌ من أجلِ أمرٍ ما، فتكلم الشيخُ فيه. فقال له القس: «نحن نعلمُ يا أبتاه، أنك لو كنتَ في بلدِك لصرتَ أسقفاً أو رئيساً على كثيرين، فأما الآن، فإنك ههنا مثلُ غريبٍ». فهز رأسَه متنهداً وقال: «نعم، إنها مرةٌ واحدةٌ تكلمتُ فيها، وإن شاء الله لن يكونَ لها ثانيةٌ».
جاء إلى الأب زينون في بلاد سوريا أخٌ مصري، وأعلن له أفكارَه، فتعجب الشيخُ قائلاً: «إن المصريين إذا ما كان عندهم فضيلةٌ كتموها، وما ليس عندهم من الزلاَّتِ، نسبوه إلى أنفسِهم، وذلك بخلاف ما يفعل الناسُ، الذين إذا فعلوا خيراً تكلموا به وأظهروه، والزلات يكتمونها».
وسأله إخوةٌ قائلين: «ما معنى المكتوب: إن السماوات ليست نقيةً قدامه»؟ فأجابهم: «إن سكانَ الأرضِ أهملوا الفحصَ عن تطهيرِ خطاياهم، وصاروا يفحصون السماوات، فهذا القول، لما كان هو وحدُه طاهراً، لذلك قيل إن السماوات غيرُ نقيةٍ إزاءه».
ودفعة كان سائراً بإحدى نواحي فلسطين، فتعب وجلس ليأكل بقربِ حقلِ قثاء، فقال له فكرُه: «خذ لك ثمرةً من ثمار القثاء وكلها، فماذا يصيبك من هذا»؟ فأجاب فكرَه قائلاً: «إن اللهَ قال لا تسرق، والذي يخالف وصايا الله يلقيه في النارِ، فجرِّب أنت نفسَك أولاً، إن كنتَ تحتمل النارَ»؟ فوقف تحت أشعةِ الشمسِ المحرِقة عارياً مقدار ساعة، حتى التهب، حينئذ قال لفكرِه: «إذا كنتَ لا تحتمل العذاب، فلا تسرق ولا تأكل المسروقَ».
وقال أيضاً: «من يريد أن يسمع الله صلاتَه بسرعةٍ، فإنه إذا وقف يصلي، ليبسطَ يديه أولاً، ويطلبَ من أجلِ أعدائه بضميرِه كلِّه، قبل أن يصلي من أجلِ نفسِه، فبهذه الفضيلةِ يستجيب الله له في كلِّ ما يسأله».
  رد مع اقتباس