قيل عن القديس مقاريوس الوسطاني إن إنساناً أتاه بعنقودٍ مبكرٍ. فلما رآه سبَّح الله وأمر أن يُرسلوه إلى أخٍ كان عليلاً، فلما رآه الأخُ فرح، وهمَّ أن يأخذَ منه حبةً واحدةً ليأكلها، لكنه قمع شهوَتَه، ولم يأخذ منه شيئاً وقال: «خذوه لفلان الأخ لأنه مريضٌ أكثر مني». فلما أخذوا العنقودَ إليه رآه وفرح، لكنه قَمَعَ شهوتَه، ولم يأخذ منه شيئاً. وهكذا طافوا به على جماعةِ الإخوةِ فكان كلُّ من أخذوه إليه يعتقدُ أن غيرَه لم يره بعد، وهكذا لم يأخذوا منه شيئاً. وبعد أن انتهوا من مطافِهِم على إخوةٍ كثيرين أنفذوه إلى الأب. فلما وجد أنه لم تضع منه حبةٌ واحدةٌ، سبَّح الله من أجل قناعةِ الإخوةِ وزهدِهم. وكان القديسُ يقول: «كما أن بستاناً واحداً يستقي من ينبوعٍ واحدٍ، تنمو فيه أثمارٌ مختلفٌ مذاقُها وألوانُها، كذلك الرهبان فإنهم يشربون من عينٍ واحدةٍ، وروحٌ واحدٌ ساكنٌ فيهم، لكن ثمرَهم مختلفٌ، فكلُّ واحدٍ منهم يأتي بثمرةٍ على قدرِ الفيض المُعطى له من الله».
قال أحد الرهبان: «لا تتعرَّف بالرئيسِ ولا تتملَّقه، لئلا يحصلَ لك من ذلك دالةٌ فتشتاقَ للرئاسِةِ».
قال شيخ: «يا حنجراني، يا من تطلب أن تملأ جوفَك، الأجودَ لك أن تُلقي فيه جمرَ نارٍ من أن تتناول أطعمةَ الرؤساءِ».
قال أنبا أفرآم: «اهرب من المشارب، ولا تدخل المجالسَ لئلا تصير زانياً خِلواً من امرأةٍ تساكنك».
قال شيخ: «المنصرف إلى العالمِ بعد رفضهِ إياه، إما أن يسقطَ في فخاخِه ويتدنس قلبُه بأفكارِه، وإما أنه لا يتدنس لكنه يدين المتدنسين فيتدنس هو أيضاً».
قال القديس باسيليوس: لا تتجول في سائرِ العالم حيث لا تنتفع، ولا تحب الأسفارَ أو الطوافَ في القرى والبيوت، بل اهرب منها لأنها فخاخُ الأنفسِ. فإن ألحَّ عليك أحدُهم كي تدخل بيتَه معتقداً فيك العفةَ، فليتعلَّم ذلك الإنسان كيف يتبع إيمان قائد المائة الذي قال للسيد: «إني غيرُ أهلٍ لأن تدخلَ تحت سقف بيتي». وبذلك يقوم إيمانُهُ هذا مقامَ كلِّ شيءٍ له.
قال أنبا أفراطس: «إن شاء اللهُ حياتي فهو يعلم كيف يسوس أمري، وإن لم يشأ فما لي وللحياةِ». وكان يأبى أن يأخذَ من أحدٍ شيئاً، وإذ كان مُقعداً مُلقىً علي سريرٍ، فقد كان يقول: «إن أخذتُ من أحدٍ شيئاً، فليس لي ما أكافئه به».