ومرة كان الأب يوحنا صاعداً من الإسقيط مع إخوةٍ فضلَّ مرشدُهم عن الطريقِ لأنه كان ليلاً، فقال الإخوةُ لأنبا يوحنا: «ماذا نصنعُ لأن الأخ قد ضلَّ الطريق»؟ فقال لهم: «إن قلنا له شيئاً حزن واستحى، فالأفضل هو أن أتظاهر بأني مريضٌ وأقول: إني لن أستطيعَ المشي لأني في شدةٍ، وبذلك نجلس إلى الغدِ». فلما أعلن لهم رأيه هذا وافقوا وقالوا: «ونحن أيضاً نجلس معك»، وفعلاً جلسوا إلى الغدِ ولم يُحزنوا الأخَ المرشد.
ومرة قال للإخوة: «من باع يوسف»؟ فقالوا له: «إخوته». فقال: «ليس إخوته ولكن اتضاعه هو الذي باعه. لأنه كان قادراً أن يقولَ للذي اشتراه إنه أخوهم، لكنه سكت وباتضاعهِ بيع، وبذلك الاتضاع صار مدبِّرَ مَلِك مصر».
وقال أيضاً: «إن الأسدَ شجاعٌ مهاب، ولكنه من أجلِ شهوتهِ ورغبتهِ يقعُ في الفخِ، فتبطل قوَّتُه ويصير هزءاً للناس، كذلك الراهب إذا فقد قانونَه وتَبعَ شهوتَه أهلك وقارَه وصار هزءاً لكل أحدٍ».