وقال أيضاً: «إن سمعتَ أخبارَ القديسين وأعمالَهم الشريفة فلا تطمع في اقتنائها بلا تعبٍ. إن لم تشفِ نفسَك أولاً وتتأهل لها، حتى إذا أقدمتَ على عملِها جاءتك من تلقاء نفسِها. احفظ نفسَك من الملل فإنه يُتلف ثمرةَ الراهبِ. إن كنت مقهوراً من وجعٍ وأنت تجاهده فلا تمل، بل ألقِ نفسك قدام الله وقل: «أعني يا ربُّ أنا الشقي فإني لا أقوى على هذا الوجع»؛ فيُعينك سريعاً إن كانت طِلبتُك بقلبٍ مستقيمٍ. إن كنتَ في شيءٍ من تعبِ الرهبانية ورأيتَ الشياطين قد انهزموا منك وغُلبوا في القتالِ، فلا تطمئن، بل كن على حذرٍ منهم. واعلم أنهم يهيئون لك قتالاً أشرَّ من الأول، ويكمُنون لك به من وراء، فإن أنت ناصبتهم تظاهروا بأنهم طُردوا بمكرٍ منهم، وذلك ليستكبر قلبُك وتثق بقوتِك، فإذا أبصروك قد خرجت هكذا عن فضيلة الاتضاع، قام الكمينُ عليك من ورائك وهاجمك الآخر من قدامك وأحاطوا بنفسك التي لم يكن لها ملجأ وقتئذ. فلا تمل إذاً من الصلاةِ إلى الله بأن يخلِّصك ويدفع عنك كلَّ بليةٍ تأتيك، فإن لم يسمع منك سريعاً فلا تمل من التضرع إليه لأنه يعرف ما فيه خيرك أكثر منك. وإذا صليتَ إلى الله فلا تقل له: «ارفع عني هذا وهبني ذاك». بل قل: «يا ربي يسوع أنت عوني ورجائي وأنا في يديك، وأنت تعرف ما هو صالحٌ لي، فأعني ولا تتركني أخطئ إليك أو أتبع هواي، ولا ترفضني فإني ضعيفٌ ولا تسلِّمني لأعدائي، فإني لجأتُ إليك فخلصني بتحننك، ليخزَ كلُّ الذين يقومون عليَّ لأنك أنت القادر على كل شيءٍ، ولك المجد إلى الأبد، آمين».