إذا قُمتَ كلَّ يومٍ بالغداةِ، تذكَّر أنك سوف تعطي للهِ جواباً عن سائرِ أعمالِك فلن تخطئ البتة، بل يسكن خوفُ الله فيك. أعد نفسَك للقاءِ الربِّ فتعمل حسب مشيئتهِ. افحص نفسَك ها هنا واعرف ماذا يعوزك فتنجوَ من الشدةِ في ساعةِ الموتِ، ويبصر إخوتُك أعمالَك فتأخذهم الغيرةُ الصالحة. اختبر نفسَك كلَّ يومٍ وتأمل في أي المحاربات انتصرتَ ولا تثق بنفسِك بل قل: «الرحمةُ والعونُ هما من الله». لا تظن في نفسِك أنك أجدَّتَ شيئاً من الصلاحِ إلى آخرِ نسمةٍ من حياتك. لا تستكبر وتقول: «طوباي»، لأنك لا يمكنك أن تطمئنَ من جهة أعدائك. لا تثق بنفسِك ما دمتَ في الجسدِ حتى تعبر عنك سلاطينُ الظلمةِ. ليكن قلبُك من نحو الأفكارِ شجاعاً جداً فتخف عنك حدتها، أما الذي يخاف منها فإنها تُرعبه فيخور. كما أن الذي يفزع منها يُثبت عدم إيمانه بالله حقاً، ولن يستطيعَ الصلاةَ قدام يسوع سيدِهِ من كلِّ قلبهِ ما لم يَسُد على الأفكار أولاً. الذي يريدُ كرامةَ الربِّ فعليه أن يتفرغ لطهارةِ نفسِه من الدنس. إن كنا ملومين فذلك لأن الهزيمةَ دائماً هي منا. من ينكر ذاتَه ولا يظن أنه شيءٌ فذلك يكون سالكاً حسب مشيئةِ الله. من تعوَّد الكلامَ بالكنيسةِ فقد دلَّ بذلك على عدمِ وجودِ خوف الله فيه. وذلك لأن خوفَ الله هو حفظٌ وصونٌ للعقلِ، كما أن الملكَ هو عونٌ لمن يطيعه. أما الذين يريدون أن يقتنوا الصلاحَ وفيهم خوفُ الله، فإنهم إذا عثروا لا ييأسون بل سرعان ما يقومون من عثرتِهم وهم في نشاطٍ واهتمامٍ أكثر بالأعمالِ الصالحة. أهمُ أسلحةِ الفضائل هي إتعاب الجسد بمعرفةٍ، والكسل والتواني يولِّد المحاربات. من له معرفة وهِمَّة فقد هزم الشرَ، لأنه مكتوبٌ أن الاهتمامَ يلازمُ الرجلَ الحكيم. والضعيفُ الهِمَّةِ لم يعرف بعد ما هو لخلاصِه. أما الذي يقهرُ أعداءَه فإنه يُكلَّل بحضرةِ الملك.