وقيل أيضاً عن أنبا موسى: إنه لما عزم على الإقامةِ في الصخرةِ تعب ساهراً. فقال في نفسِهِ كيف يمكنني أن أجد مياهاً لحاجتي ها هنا. فجاءه صوتٌ يقول له: «ادخل ولا تهتم بشيءٍ»، فدخل. وفي أحدِ الأيام زاره قومٌ من الآباءِ، ولم يكن له وقتئذ سوى جرَّةِ ماءٍ فقط. فأعدَّ عدساً يسيراً، فلما نفذ الماءُ حزن الشيخُ وصار يخرجُ ويدخلُ ثم يخرجُ ويدخلُ وهكذا.. وهو يصلي إلى الله. وإذا بسحابةٍ ممطرةٍ قد جاءت فوق حيث كانت الصخرةُ. وسرعان ما تساقط المطرُ فامتلأت أوعيتُه من الماءِ. فقال له الآباءُ: «لماذا كنتَ تدخلُ وتخرج»؟ فأجابهم وقال: «كنتُ أصلي إلى اللهِ قائلاً: إنك أنت الذي جئتَ بي إلى هذا المكان وليس عندي ماء ليشربَ عبيدُك. وهكذا كنتُ أدخل وأخرج مصلياً لله حتى أرسل لنا الماءَ».