الأنبا موسى الأسود
قيلإن الأب الكبير أنبا موسى الأسود قوتل بالزنا قتالاً شديداً في بعضِ الأوقاتِ. فقام ومضى إلى أنبا إيسيذوروس وشكا له حالَه، فقال له: «ارجع إلى قلايتِك». فقال أنبا موسى: «إني لا أستطيعُ يا معلم». فصعد به إلى سطحِ الكنيسةِ وقال له: «انظر إلى الغربِ»، فنظر ورأى شياطين كثيرين يتحفَّزون للحربِ والقتالِ. ثم قال له: «انظر إلى الشرقِ»، فنظر ورأى ملائكةً كثيرين يمجِّدون الله. فقال له: «أولئك الذين رأيتَهم في الغربِ هم محاربونا، أما الذين رأيتَهم في الشرقِ فإنهم معاونونا. ألا نتشجع ونتقوى إذاً ما دام ملائكةُ الله يحاربون عنا»؟ فلما رآهم أنبا موسى فرح وسبَّح الله ورجع إلى قلايتِهِ بدونِ جزعٍ.
وقيل عنه: إنه لما رُسم قساً ألبسوه ثوبَ الخدمةِ الأبيض. فقال له أحدُ الأساقفةِ: «ها أنت قد صرتَ كلَّك أبيضَ يا أنبا موسى». فقال: «أيها الأب، ليت ذلك يكون من داخلٍ كما من خارجٍ».
وأراد رئيسُ الأساقفة أن يمتحِنَه فقال للكهنةِ: «إذا جاء أنبا موسى إلى المذبحِ اطردوه لنسمعَ ماذا يقول». فلما دخل انتهروه وطردوه قائلين له: «اخرج يا حبشي إلى خارج الكنيسةِ». فخرج أنبا موسى وهو يقول: «حسناً فعلوا بك يا رُمادي اللون يا أسودَ الجلدِ. وحيثُ أنك لستَ بإنسانٍ فلماذا تحضرُ مع الناسِ»؟
قيل: أضاف أنبا موسى أخاً فطلب منه كلمةً. فقال له: «امضِ واجلس في قلايتِك والقلايةُ سوف تعلِّمك كلَّ شيءٍ».