ومن كلامهِ أيضاً: طوبى للإنسانِ الذي يعرفُ ضعفَه، فإن هذه المعرفةَ تكونُ له أساساً صالحاً ومصدراً لكلِّ خيرٍ. لأنه إذا عرفَ ضعفَه ضبطَ نفسَه من الاسترخاءِ وطَلَبَ معونةَ الله وتوكَّل عليه. أما من لا يعرف ضعفَه فهو قريبٌ من سقطةِ الكبرياءِ، وبلا اتضاعٍ لا يتمُّ عملُ العابدِ. ومن لا يَتِمُّ عملُهُ لا يُختَمُ كتابُ حريتِهِ بخاتمِ الروحِ. ومن لا يُختمُ كتابُ حريتِهِ بخاتمِ الروحِ فإنه يكون عبداً للأوجاعِ ولا يتضع إلا بالبلايا. ومن أجل ذلك يتركُ اللهُ البلايا والتجارب على محبي البرِّ حتى يعرفوا ضعفَهم، إذ أن البلايا تولِّد الاتضاع. وربما كَسَرَ قلبَهم بأوجاعٍ طبيعيةٍ، وربما بشتيمةِ الناسِ لهم وامتهانِهم، وأحياناً بالفقرِ والمرضِ والاحتياجِ. وأحياناً أخرى بالخذلانِ ليأتي عليهم الشيطانُ بأفكارٍ قذرة، وكل ذلك عساهم يحسُّون بضعفِهم فيتضعوا حتى لا يعبر بهم نعاسُ الغفلةِ. فينبغي لكلِّ إنسانٍ إذاً أن يتيقَّظَ دائماً ويفكرَ في أنه مخلوقٌ، وكلُّ مخلوقٍ محتاجٌ إلى معونةِ خالقِهِ، فيطلب حاجَتَه ممن هو عارف تماماً بما يحتاجُ إليه، فهو قادرٌ أن يعطيه احتياجاته. له المجد إلى الأبد، آمين