عرض مشاركة واحدة
قديم 18 - 10 - 2017, 09:29 AM   رقم المشاركة : ( 8 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

Rose رد: كتاب بستان الرهبان

قال الأنبا أنطونيوس:«إيَّاك والشَرَه فإنه يطردُ خوفَ اللهِ من القلبِ والحياءَ من الوجهِ، ويجعلُ صاحبَه مأسوراً من الشهواتِ ويُضلُّ العقلَ عن معرفةِ اللهِ. اجعل لك دفعةً واحدةً في النهارِ للقيامِ بحاجةِ الجسدِ لا للشهوةِ. لا تكن كسلاناً فتموتَ بأشرِّ حالٍ. أضعف جسدَك كمثلِ من هو مُلقىً على سريرٍ فتهرُبَ الأوجاعُ عنك. اجعل فكرَك في الوصايا كلَّ حينٍ وداوم على فِعلِها. إيَّاك أن تَعيبَ أحداً من الناسِ لئلا يُبغضَ اللهُ صلاتَك. إيَّاك واللعب فإنه يطردُ خوفَ اللهِ من القلبِ ويجعلُه مسكناً لجميعِ الفواحشِ. أتعب نفسَك في قراءةِ الكتبِ واتِّباع الوصايا فتأتي رحمةُ اللهِ عليك سريعاً. إن الراهبَ الذي يكونُ في خِزانتِهِ غيرَ ذاكرٍ للهِ تعالى ولا قارئاً في الكتبِ فهو يكونُ كالبيتِ الخَرِب خارجَ المدينةِ الذي لا تُفارِقُه الجيفُ النَتنة. وكلُّ من احتاج إلى تنظيفِ بيتِهِ من جِيفَةٍ رماها فيه. صلِّ أبداً صلاةً في قلايتِك أولاً قبلَ صلاتِك مع الإخوةِ. ألزم البكاءَ فيترحَّمَ اللهُ عليك. أبغض كلَّ أعمالِ الدنيا وارفضها، فإنها تُبعِدُ الإنسانَ عن اللهِ. اِحْذَر من أن تكونَ صغيرَ النفسِ لأن صِغرَ النفسِ يجلِبُ الأحزانَ. أحبَّ التعبَ واظلم نفسَك لكلِّ إنسانٍ فتملكَ الاتضاعَ. والاتضاعُ يغفرُ الخطايا كلَّها».
وقال أيضاً:«ينبغي للراهبِ الشابِّ أن يستشيرَ الشيوخَ قبلَ كلِّ خُطوةٍ يخطوها في قلايتِهِ وقبل كلِّ نقطةِ ماءٍ يشربها، لأني رأيتُ رهباناً كثيرين بعد أن تعبوا كثيراً وقعوا في دهشةِ عقلٍ لأنهم توكَّلوا على معرفتِهم فقط. إذ لم يُصغوا إلى الوصيةِ القائلةِ: اسأل أباك فيُخبرك ومشايخك فيقولون لك».
قيل: اجتمع جماعةٌ من الآباءِ عند الأنبا أنطونيوس، وتباحثوا في أيِّ الفضائلِ أَكمَلَ وأقدَرَ على حفظِ الراهبِ من جميعِ مصايدِ العدو. فمنهم من قال إن الصيامَ والسهرَ في الصلاةِ يقوِّمان الفكرَ ويلطِّفان العقلَ، ويُسهلان للإنسانِ سبيلَ التقرُّبِ إلى اللهِ. ومنهم من قال إنه بالمسكنةِ والزهدِ في الأمورِ الأرضيةِ يمكنُ للعقلِ أن يكونَ هادئاً صافياً خالصاً من همومِ العالمِ فيتيسَّرَ له التقرُّبَ من اللهِ. وآخرون قالوا إن فضيلةَ الرحمةِ أشرفُ جميعِ الفضائلِ، لأن الربَّ يقولُ لأصحابها كما وَعَدَ: تعالوا يا مبارَكي أبي رثوا المُلكَ المعدَّ لكم من قَبلِ كونِ العالمِ. فَمِن بعدِ انتهائِهم من المباحثةِ والكلامِ، قال الأنبا أنطونيوس: «حقاً إن كلَّ هذه الفضائلِ التي ذكرتموها نافعةٌ ويحتاجُ إليها كلُّ الذي يطلبون اللهَ، ويريدون التقرُّبَ إليه، إلا أننا قد رأينا كثيرين يُهلكون أجسادَهم بكثرةِ الصومِ والسهرِ والانفرادِ في البراري والزهدِ، حتى أنهم كانوا يكتفون بحاجةِ يومٍ واحدٍ ويتصدَّقون بكلِّ ما يمتلكون، ومع كلِّ ذلك رأيناهم وقد حادوا عن المسلكِ القويمِ وسقطوا وعَدِموا جميعَ تلك الفضائلِ وصاروا مرذولين. وسبب ذلك أنهم لم يستعملوا الإفرازَ. إن الإفرازَ هو الذي يُعلِّمُ الإنسانَ كيف يسيرُ في الطريقِ المستقيمِ الملوكي وكيف يحيدُ عن الطريقِ الوعرةِ. إن الإفرازَ يُعلِّمُ الإنسانَ كيف لا يُسرق من الضربةِ اليمينية بالإمساكِ الجائرِ المقدار، وكيف لا يُسرقُ أيضاً من الضربةِ الشمالية بالتهاونِ والاسترخاء. إن الإفرازَ هو عيُن النفسِ وسراجُها، كما أن العينَ سراجُ الجسدِ. وبخصوصِ الإفرازِ يُحذِّرُ الربُّ قائلاً: اِحْذَر لئلا يكونَ النورُ الذي فيك ظلاماً. فبالإفراز يفحصُ الإنسانُ مشيئاته وأقواله وأعماله. وبالإفرازِ أيضاً يفهمُ الإنسانُ الأمورَ ويميزُ جيِّدَها من رديئها، ونتأكد من ذلك من الكتبِ المقدسةِ. فشاول الملك لما لم يمتلك الإفرازَ أَظْلَمَ عقلُهُ فلم يفطن إلى أهميةِ ما قاله اللهُ له بلسانِ صموئيل النبي. فأغضب اللهَ بذلك التصرفِ الذي به كان يظنُّ أنه يرضي الله، ونسي أن الطاعةَ للهِ أفضلُ من تقريبِ الذبائحِ. والربُّ يُسمِّي الإفرازَ ربّاناً ومدبِّراً لسفينةِ حياتِنا. والكتابُ يقولُ: إن الذين ليس لهم مدبِّرٌ يسقطون مثلَ الورقِ من الشجرِ. وأيضاً يقولُ الكتابُ: كَمِثلِ مدينةٍ غيرِ محصَّنةٍ وكلُّ مَن أرادَ دَخلها وأخذَ كنوزَها، كذلك الإنسانُ الذي يعملُ أمورَه بغيرِ مشورةٍ


يتبع
  رد مع اقتباس