كلمة الله الموضوعة بوحي وإلهام الروح، سلطت نورها على حياة شعب مختار فقد اختياره وتمايزه بكونه تغرَّب عن الله وانعزل عنه وشابه الأمم من حوله، فبعد أن كان مثالاً وقدوة تُحتذى، صار منقاداً وراء شهوات الجسد متمثلاً ببطل أعمال الأمم الغبية والسخيفة، حتى انه انخرط معهم في أشكال عبادات سخيفة لا تنتهي، حتى اختلط عنده النور بالظلمة فلم يستطع أن يميز الأمور ويفصل بين الخير والشرّ، وبين الحرية والانفلات، حتى فقد رجاحة عقله وهبط لمستوى شهوات الحيوان الجامح، فانكسروا وسيقوا بالسبي ليحيوا في أرض غريبة، شاخوا فيها تحت مذلة العبودية، وهذا كله كُتب من أجلنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور لكي يعطينا الوحي مثالاً لننتبه ونستفيق من غفوتنا، لأن كل من يترك ينبوع الحكمة مصيره السبي في أرض الأعداء، أرض الخطية، أرض الشيطان.
لا تدعوا العدو يسلبكم النور الذي فيكم، أو ينهب الكنز الموضوع داخلكم، ويخطف الكلمة من عقولكم وأفكاركم لكيلا تنزل قلوبكم وتنغرس فيكم لتأتي بثمر، لأنها وحدها الحافظة لكم أن أحببتموها وصارت هي حياتكم، لأنها نبع خيرات أبدية لا تزول، وطعام سماوي دسم مُشبع للقلب جداً، مملوء من كل بهجة وفرح، بل ودواء للنفس المعتلة، وشفاء للأمراض الروحية المستعصية، ومضاد قوي للإثم، وترياق فعال يُحيي من مات في خطيئته.