الأصحاح 22 العدد 36
كيف يكون السيد المسيح صانع السلام وملك السلام، وهو يقول لتلاميذه: من ليس له سيف فيبع ثوبه ويشتر سيفاً (لوقا 22: 36), وما معنى أمره لتلاميذه بشراء السيف؟ ولماذا لما قالوا له هنا سيفان أجاب هذا يكفي (لوقا 22: 38) ,
انظر تعليقنا على متى 5: 39 , لم يقصد المسيح مطلقاً السيف بمعناه المادي، بدليل أنه بعد قوله هذا بساعات، في وقت القبض عليه، استل بطرس سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه, فأمره المسيح: ردَّ سيفك إلى غمده (يوحنا 18: 10) لأن كل الذين يأخذون السيف، بالسيف يهلكون (متى 26: 51 و52), فلو دعا المسيح لاستخدام السيف، ما كان يمنع بطرس عن استخدامه في مناسبة كهذه, ولكن المسيح كان يقصد السيف بمعناه الرمزي، أي الجهاد, كان يكلمهم وهو في طريقه إلى جثسيماني (لوقا 22: 39) قبل تسليمه ليُصلب، ولذلك بعد أن قال فليبع ثوبه ويشترِ سيفاً فقال مباشرة: لأني أقول لكم إنه ينبغي أن يتم فيَّ أيضاً هذا المكتوب وأُحصِي مع أثمة (لوقا 22: 37) كأنه يقول لهم: حينما كنت معكم، كنت أحفظكم بنفسي, كنت أنا السيف الذي يحميكم, أما الآن فأنا ماضٍ لأُسلَّم إلى أيدي الخطاة، وتتم فيّ عبارة وأُحصي مع أثمة , اهتموا إذاً بأنفسكم، وجاهدوا, وما دمت سأفارقكم، فليجاهد كل منكم جهاد الروح، ويشترِ سيفاً, وقد تحدث بولس عن سيف الروح و سلاح الله الكامل ، ودرع البر، وترس الإيمان (أفسس 6: 11-17), وهذا ما كان يقصده السيد المسيح لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس في تلك الحرب الروحية, ولكن التلاميذ لم يفهموا المعنى الرمزي وقتذاك, فقالوا: هنا سيفان , كما لم يفهموا من قبل المعنى الرمزي في قوله: احترزوا من خمير الفريسيين يقصد رياءهم (لوقا 12: 1)، وظنوا أنه يتكلم عن الخبز (مرقس 8: 17), هكذا قالوا وهو يكلمهم عن سلاح الروح هنا سيفان ، فأجابهم هذا يكفي, أي يكفي مناقشة في هذا الموضوع، إذ الوقت ضيق حالياً, ولم يقصد السيفين بعبارة هذا يكفي وإلا كان يقول هذان يكفيان , ولعله قصد بقوله: هذا يكفي : يكفي عدم فهمكم للمعاني الروحية التي أقصدها، كما لم تفهموني في السابق , لذلك ينبغي أن نميّز بين أقوال المسيح بالمعنى الحرفي، وأقواله بالمعنى الرمزي، وسياق الحديث يبيّن ذلك,