الأصحاح 1 العدد 17
في لوقا 1: 17 قال إن يوحنا المعمدان جاء بروح إيليا وقوته، وجاء في متى 11: 14 إن إيليا هذا هو المزمع أن يأتي, فهل تقمَّصت روح إيليا يوحنا؟ وهل يعلّم الإنجيل بتقمص الأرواح؟
مجيء يوحنا بروح إيليا، معناه أنه أتى بأسلوب إيليا وطريقته ومنهجه وروحه في العمل: 1 - كان إيليا ناسكاً، وكذلك كان يوحنا المعمدان, كان إيليا أشعر يتمنطق بمنطقة من جلد على حقويه (2ملوك 1: 8), ويوحنا كان لباسه من وبر الإبل، وعلى حقويه منطقة من جلد (متى 3: 4), إيليا كان يسكن البرية في جبل الكرمل (1ملوك 18: 19 و42) أو في مغارة بجبل حوريب (1ملوك 19: 9)، أو في علية (1ملوك 17: 19) أو عند نهر كريث (1ملوك 17: 3), ويوحنا المعمدان كان في البرية (متى 3: 1 ولوقا 3: 2) وإلى جوار نهر الأردن, وكان صوتُ صارخٍ في البرية (مرقس 1: 3), 2 - بدأ إيليا بحياة الوحدة والتأمل، واختاره الله للخدمة والنبوة, وهكذا عاش يوحنا حياة الوحدة في البرية، ثم الكرازة بالتوبة, 3 - كان إيليا شجاعاً حازماً في الحق، يقتل أنبياء البعل (1ملوك 18: 40)، ويُنزل ناراً من السماء فتأكل الخمسين (2ملوك 1: 10), وكان يوحنا المعمدان شديداً في توبيخ الخطاة, وكان يقول: قد وُضعت الفأس على أصل الشجرة, فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً، تُقطع وتُلقى في النار (لوقا 3: 9), 4 - وبخ إيليا أخآب الملك وقال له: أنت مكدر إسرائيل، أنت وبيت أبيك بترككم وصايا الرب وبسيرك وراء البعليم (1ملوك 18: 18) ثم وبخه وأنذره لقتله نابوت اليزرعيلي (1ملوك 21: 20-36), ووبَّخ يوحنا المعمدان الملك هيرودس وقال له: لا يحل لك أن تكون لك امرأة أخيك (مرقس 6: 18), إذن يوحنا كان بنفس روح إيليا وأسلوبه, وعبارة روح إيليا تذكرنا بطلبة أليشع من معلّمه إيليا قبل صعوده إلى السماء، وهي: ليكن نصيب اثنين من روحك عليّ (2ملوك 2: 9), وكان له كذلك, فلما صنع معجزات بنفس قوة إيليا، ورآه بنو الأنبياء، قالوا: استقرت روح إيليا على أليشع, فجاءوا للقائه وسجدوا له (2ملوك 2: 14 و15), فإن كان الأمر مسألة تقمُّص، فما معنى عبارة إثنين من روح إيليا ؟ هل إيليا له روحان؟ وهل تقمَّصت روحه في أليشع قبل تقمصها في يوحنا؟! إنما هي ضعف القوة التي كانت في إيليا، حلّت على أليشع, ونفس القوة كانت في يوحنا, أما تقمص الأرواح، فلا تؤمن به المسيحية، لأن الروح عندما تخرج من الجسد، لا ترجع إليه مرة أخرى أو إلى جسد آخر, إنما إن كانت بارة تذهب إلى الفردوس، كروح اللص التائب، وإن كانت شريرة تذهب إلى الجحيم، كروح الغني الذي عاصر لعازر, انظر تعليقنا على متى 17: 11 ويوحنا 1: 21