جهاد القديس الأخير استقر أخيراً القديس تكلا هيمانوت الحبشي في أرض "الشواريني" وبنى ديره المعروف باسم "البيانوس" وتلمذ رهباناً كثيرين وجاهَد في نُسْكٍ بأصوام وصلوات وميطانيات كثيرة.. ورأى أنه لكي يكون مُنتَبِهاً في الصلاة، يمكنه الوقوف على قدم واحدة! فكان يُصَلّي واقِفاً على رجله اليُمنى حتى جَفَّت هذه الساق وإنكسرت. فأخذها أبناؤه ولفّوها في لفافة. أما هو فكان يُصَلّي على الرِّجل الأخرى ولم يكن يخرج من مغارته ليرى النور، بل ظلَّ حبيساً بقية أيام حياته؛ إذ استغنى بالوجود مع الله عن كل عمل مُداوِماً على التسبيح والشُّكر. نياحة القديس لما أكمل القديس تكلا هيمانوت الإثيوبي القِس جهاده، وصار جسده كالخشبة المحروقة، ظهر له مخلصنا الصالح، وأعطاه السلام، وأعلمه أنه سيموت بداء الطاعون وأنه سينتَقِل إلى السماء مع ثلاثة من أولاده.
مرض ثلاثة من الرهبان بداء الطاعون، ثم مرض القديس وتألم الجميع معه بسبب الآلام الشديدة التي لهذا المرض.. ولما اقتربت ساعة نياحته نظر الرب يسوع مع القديسة العذراء مريم وملائكة كثيرين يتقدَّمهم ميخائيل رئيس جُند الرب حارِسهُ وشفيعه. وأضاءت مغارته بنور سماوي بهي، وفاحَت رائحة بخور جميلة جداً، فطلب أولاده أن يُصَلّي من أجلهم ليغفِر لهم الرب خطاياهُم، وللوقت صعدت روحه الطاهِرة بسلام إلى السماء، وكان ذلك في 24 مسرى، وبلغ عمره تسعة وتسعين سنة وثمانية شهور، وناحَت إثيوبيا على هذا القديس، وقد بكاه الكبير والصغير والذين عَرِفوا المسيح بواسطته.