الموضوع: (استفانوس)
عرض مشاركة واحدة
قديم 19 - 08 - 2017, 07:11 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,313,072

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: (استفانوس)

استفانوس الشهيد
قُدّم استفانوس للمحاكمة أمام السنهدريم وأتُهم بالتجديف على اللّه وموسى والناموس والموضع المقدس كما زعم مضطهدوه. ربما أخذوا من كلامه ما أضافوا إليه أو أنقصوا منه ماجعله يبدو في شكل تجديف. ويُعد دفاع استفانوس من أروع ما سجل التاريخ البشري، إذ حمل ميزتين عظيمتين، ونعنى بهما جمال الاستهلال، وعمق الحق. ومع أنه استعرض التاريخ اليهودي المحبوب على أسماع قضاته، لكنه قادهم وهم لا يدرون إلى الحقيقة القاسية المرتبطة بتاريخهم، وهى أنهم امتداد مستمر لأبائهم العصاة المتمردين على اللّه. ونحن نلاحظ هنا أنه لم يستعطف قضائه أو يتملقهم على حساب الحق!! ولا أستطيع أن أقف من استفانوس متعجباً، وهو لا يفزع أو يخاف، دون أن أذكر - على التو - ما حدث في مجمع ورمس حيث وقف لوثر وقفته التاريخية المشهورة في ذلك اليوم!. لقد تعرض لوثر للضعف وطلب مهلة للإجابة على الأسئلة الموجهة إليه، فأعطيت له مهلة يوم واحد، وقد قضى الرجل الليلة التي سيقف بعدها في الغد للإجابة العتيدة، في صراع مع اللّه، وهنا استقرت نفسه وهدأت، وقرر أن يعطى الجواب الأمين، مهما كانت النتائج التي ستتمخض عنه. كان قربه من اللّه هو الذى ألهمه الشجاعة التي لا يملكها إنسان مهما كان خارق الجسارة أو البطولة دون مساعدة اللّه.
وقد شاء اللّه أن يقترب من استفانوس في أحرج ساعة له على الأرض، فانفرجت السماء عن العرش العظيم والمسيح القائم عن اليمين، وهنا ارتفع الرجل فوق البشر والظروف، وتملكته القوة الخارقة التي تسيطر عادة على الأبطال والشهداء في أعظم المواقف التي يتعرض لها الإنسان بين الناس، وهنا نرى بطولة الشاهد، وبسالة الشهيد. هنا نرى الوجه وقد أضاء بلمعان سماوي، فلم يعد وجه إنسان، بل أضحى وجه ملاك. وفى الحقيقة إن استفانوس كان قريباً جداً من السيد، ويكفى أنه والحجارة تنهال عليه، فعل مثل سيده تماماً وهو على الصليب، فلن يطلب الغفران للمسيئين إليه، كما غفر المسيح فحسب، بل صلى أيضاً مثل سيده وهو يستودع روحه : " أيها الرب يسوع أقبل روحي !! ( أع 7 : 59 ) وحيث أنه مات رجماً بالحجارة فمن المعتقد أن هذا حدث على الأغلب، في آخر عام 36 أو أوائل عام 37 م، في الوقت الذى دعت فيه روما واليها المعروف بيلاطس البنطى لتحاسبه على جرائمه المتعددة، ولم تكن قد أرسلت خلفاً له، فأتاح هذا لليهود فرصة الحكم عليه بالإعدام وتنفيذه بعيداً عن تدخل الرومان. ومن المعتقد أن الرجم حدث شرقي الهيكل على حافة وادى قدرون بالقرب من باب دمشق الذى كان يدعى فيما مضى باب استفانوس.
ومن الواضح أن موت استفانوس لم يكن عميق الأثر في حياة ذلك الشاب القديم الذى كان حارساً لثياب قاتليه فحسب، بل تحول في مجرى التاريخ ليكون عظة بالغة، من غير حدود في حياة الملايين من البشر في الشرق أو الغرب على حد سواء. ولعلنا نختم هنا بما قاله سِر توماس مور للقضاة الذين حكموا عليه بالموت على أثر نطقهم بالحكم: أيها السادة ولو أنكم حكمتم علىَّ ظلماً لكنى اود أن أقول: إن بولس كان حارساً لثياب الذين قتلوا استفانوس، والآن هما صديقان معاً في السماء. وأنا أصلى أن يكون الأمر أيضاً معنا كذلك لنلتقي فيما بعد في السماء.
وهكذا كان استفانوس رائعا في حياته القصيرة على الأرض، وأروع في الشهادة الأمينة التي ختمها بدمه واستحق إكليل المجد الذى لا يبلى في السماء.
  رد مع اقتباس