ذات الريشة
تأخرت في الكتابة عدة أسابيع هذه المرة.. ينقصني شيء من الإلتزام أعتقد.. و لكني لا أستطيع الكتابة إلا في حالة من الفوران العقلي أو العاطفي.. و مسببات هذا الفوران قد تكون إيجابية أو سلبية أو، ببساطة، استفزازية.. وأهدي أسطري اليوم ل "ذات الريشة" التي أثارتني استفزازا لدرجة أنني لم أستطع النوم قبل تفريغ هذه الشحنة.
تتمتع بوجه متألق، ابتسامة وديعة، و نظرات شرسة من وراء ستار.. صوت واضح، و نبرة حادة، و لكنها تنطق بكلمات لا يمكن تصنيفها على أنها جارحة و لا عذبة. ثقتها بنفسها تصل إلى حد الغرور. تتكلم.. و تتكلم.. و تتكلم، و كأنها تحاضر تلاميذا.. لا توجد فرصة للتعليق.. فهي "دائما على صواب".. و لا تتحدث "ذات الريشة" إلا عن نفسها، عن تاريخها المليء بالأمجاد، عن كم هي ذكية، كم هي فذة، كم ينبهر الجميع بها. و لا تسأل عن إنجازات الآخرين، فهي لا تعنيها!
عينت "ذات الريشة" نفسها قاضية، تحكم على الناس رجالا و نساءا و لا تستثني منهم أحدا: فهذا ذكي. و هذا تافه.. و هذه عاقلة، و هذه متزنة، أما هذه فتعتز بجمالها، فهي "أكيد" غبية.. و هل من أذكى من "ذات الريشة"؟
أشفق على أمثال هؤلاء، الذين يتمتعون ببعض الميزات في وسط مجتمع كمجتمعنا تندر فيه فرص التميز. فيصنع منهم المحيطون بهم أسطورة، تضرهم أكثر من أن تنفعهم. و لا يستفيق هؤلاء حتى يخرجون من الفقاعة الإجتماعية و يحتكون بمن هم أمهر منهم و أحسن منهم و اجمل منهم، فيفهمون أن أكثر الناس بحثا عن العلم هم العلماء، و أن من ظن نفسه عالما، ما هو إلا حمارا.
ولنترك المهارة والذكاء جانبا.. فهل يصنع النجاح إنسانا؟.. في الواقع، لا أظن ذلك.
فكم من ناجحين منفرين، و كم من بسطاء يتركون بصماتهم في قلوبنا.