عرض مشاركة واحدة
قديم 09 - 08 - 2017, 02:57 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,349,691

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: صلاة إيماننا الأرثوذكسي الحي،

طريقة الصلاة حسب إعلان إنجيل الخلاص
حينما نبدأ صلاتنا فأننا – عادةً – نرسم أنفسنا بعلامة الصليب (علامة الخلاص) ونحن ننطق باسم الثالوث القدوس، وبعدها مباشرة نرفع أصواتنا بالصلاة الربانية الذي سلمها لنا رئيس الكهنة العظيم شخص ربنا يسوع المسيح وسيط العهد الجديد الذي باستحقاق ذاته دخل للأقداس العُليا وهو يحمل جسم بشريتنا ليجلِّسنا معهُ في السماوات[1]، وهذه الطريقة عادةً تُمارس بشكل آلي عند الكثيرين، حتى أصبحت مُجرد شكل وعادة روتينية متكررة، ففقدت معناها الخلاصي، لذلك أصبحت صلاتهم بلا مذاقاً روحياً يؤصلهم في الحق ويثبت خُطاهم في طريق البرّ حسب التدبير الخلاصي المُعلن في الإنجيل، فصارت الصلاة لا تأتي بثمارها الطبيعية، لأنها لا تجعل الإنسان يصل لعرش الرحمة لينال نعمة عوناً في حينه، فيفرح ويشبع، وبالبرّ يُعاين نور وجه الله الحي، فيتطبع بالطبع السماوي ويحيا كما يحق لإنجيل مسيح القيامة والحياة.


وبذلك تكون الصلاة الشخصية أو حتى العامة ميتة بلا أثر واضح على النفس من جهة التغيير، لأنه ينقصها وعي الإيمان الحي العامل بالمحبة ليتم إدراك سرّ التدبير الإلهي ومعرفة إرادة الله حسب مسرته[2].



فاليوم أُريد أن تنتبهوا جداً – معي – وتفتحوا آذان قلوبكم لكي نسير معاً بهدوء في بهاء نور المجد الإلهي المُعلن لنا في سرّ إنجيل خلاصنا، لندخل لعرش النعمة لتنسكب علينا سكيباً فنبتهج بفرح لا يُنطق به ومجيد، لأنه أن لم ننتبه للسرّ العظيم المستتر في الإنجيل كقوة حياة لنا، فأننا سنفقد حياتنا المسيحية كلها، لأنها ستكون بمثابة العهد الذي عُتِّق وشاخ بالنسبة لنا، وذلك من كثرة اعتيادنا على سماع العظات وكلمات التعليم والتأمل، وبذلك كل ممارستنا ستصير بلا معنى، بل مجرد شكل خارجي ليس له أي أثر في حياتنا كلها.



فلننتبه يا إخوتي لأن الموضوع عن جد هام وخطير لأنه يمس حياتنا الأبدية وخبرتنا المسيحية الأصيلة، لأن الصلاة أن لم تضرب جذورها في أعماق قلبنا من الداخل، لتتحول فينا لقوة حياة نعيشها، فأنها ستكون روتينية مُملة، لأن تكرار الشيء يُنشئ ملل طبيعي عند أي إنسان، مع أن الصلاة بحسب طبيعتها الروحية تحمل قوة علوية فائقة، فهي مثل النسر القوي الذي يفرد أجنحته وينطلق للأماكن العُليا والجبال الشاهقة بسهولة ويُسر بلا تعب أو مشقة أو أدنى صراع، لأن الصلاة بالإيمان الحي تنقل الإنسان من الظلمة للنور، ومن التعب للراحة، ومن الموت للحياة، وتُشفي العلل الداخلية التي للنفس، وتظل تعمل سراً في الباطن، تعمل عميقاً جداً للوصول لكمال الصحة والعافية الروحية، وهي بطبيعتها تجدد النفس وتُعطي شغف ولهفة تدفع الإنسان دفعاً نحو الله الحي، وتُعطي سروراً فائقاً يجعل الإنسان يرتفع فوق الضيقات والأتعاب بصبر عظيم ناظراً لرئيس الإيمان ومُكلمه يسوع[3].



لذلك علينا الآن أن نكشف سرّ الرسم الملكي الكهنوتي وقوة النطق باسم الثالوث القدوس، لكي ننطلق بعد ذلك بروعة الصلاة الربانية، لأنها تخص كهنوت عهد جديد منفرد، كهنوت لا يخص إنسان، إنما هوَّ إلهي بالدرجة الأولى، وهو حالة فريدة من نوعها لا يوجد ما يُناظرها، حالة انفرادية تامة مُميزة للغاية، لأن الكاهن والذبيح هو شخص واحد وسيط عهد جديد، وهو شخص اللوغوس المتجسد، حمل الله رافع خطية العالم.


لذلك دائماً في اللاهوت وصحة التعليم المستقيم يُقال عن شخص المسيح: "رئيس كهنة عظيم" ولا يُستخدم اسم التفضيل إطلاقاً، أي لا يقال عنه "رئيس الكهنة الأعظم"، لأن هذا خطأ لاهوتي خطير يضرب جذور الإيمان المسيحي الأصيل، لأن كلمة الأعظم أو الأفضل معناها أنه يوجد آخرين لديهم نفس ذات الكهنوت الفريد الذي له وهو أعظمهم أو أعلى شئناً منهم، وهذا فكر مُعيب ضد الإيمان، لأن المسيح الرب منفرد بكهنوته الذاتي، لأنه لا يوجد نظيراً مثله ابداً، بل لم ولن يوجد من يُناظره لتتم المقارنة بينه وبينه ليكون هو الأعظم، لأنه هو المُخلِّص والوسيط الوحيد في المُطلق، وهو لا يشفع بكلام ولا بمجرد رفع صلاة مثلنا، أو حتى يتوسل من أجلنا لدى الآب، لذلك يقول بنطقه الخاص: في ذلك اليوم تطلبون باسمي، ولست أقول لكم إني أنا أسأل الآب من أجلكم (يوحنا 16: 26)، لأنه باستحقاق ذاته وببره الشخصي المُميز وسلطانه دخل للأقداس العُليا عن جدارة تليق به، ورفعنا معه بقدرته وحده (حسب مسرة الله الآب)، إذ جلس في مكانه الطبيعي الذي لهُ وأجلسنا معهُ، ووهبنا اسمه كقوة ضمان به ننال كل شيء باستحقاقه لا باستحقاقنا ولا باستحقاق إنسان مهما ما على شأنه، لأنه وحده فقط من دخل إلى الأقداس بقدرته، هذه التي لا يستطيع إنسان في الخليقة كلها أن يدخلها من نفسه، ولا حتى يجرؤ أن يفكر بها من الأساس، وليس تحت السماء ولا حتى فوقها أسم آخر غيره نستطيع به أن نخلص أو نقترب لعرش النعمة وننال أي شيء:
  رد مع اقتباس