زوج : زوجتى لا تحب أن تتكلم وتفضل الصمت :
المفاجأة :
.... المفاجأة هى عندما عاد زوجى من عمله فى اليوم التالى ليخبرنى أن "ماهر" صديقه أتصل به ، هل تعرفون ماذا قال له ؟ .
"إن زوجتى بها كل الصفات التى يتمناها أى زوج ، ولكن لديها مشكلة واحدة ، فهى لا تحب أن تتكلم ، تؤثر الصمت فى أى جلسة ، فتشعر الآخرين وكأنها متضايقة من وجودهم ، مما يعرضنى للحرج والضيق ، فأنا أحب الناس والأصدقاء .
وهى بطبيعتها هادئة وخجولة ، ولكنها بالرغم من أنها تحب الناس ، فهى لا تستطيع الحديث أو التواصل معهم بأى شكل ، مما يشعرها ، ويشعرهم أيضآ بالنفور ، وعدم الراحة ، وكأنها تعيش فى عالم خاص بها . وأنا أشعر أنه بقليل من المساعدة والتشجيع يمكنها أن تتغلب على هذه المشكلة ، حتى لا أتعرض للحرج كلما خرجنا ، أو زارنا أى ضيف" .
... وبعد ، لقد فوجئت أن زوجى يطلب منى القيام بهذه المهمة ، وذلك بناء على طلب زوجها .
... وأتفقنا على زيارتها بعد تحديد موعد معها ، والغريب أنها رحبت بي ترحيبآ لم أكن أتوقعه .
كانت لطيفة وودودة ، ولكن بهدوء ، وأيضآ بالقليل من الكلام مع أبتسامة خفيفة جدآ لا تكاد تراها ، كانت هذه هى طريقتها ، ولكنها كانت صادقة فى مشاعرها ، مما أشعرنى بالراحة ، وأنا أتكلم معها فيما بعد .
وجدتها شيئآ فشيئآ تتكلم ، وأنا أستمع مندهشة ، فهى تجيد التحدث ، رزينة فى كلامها ، مرتبة فى أفكارها ، تحدثت كل منا عن هواياتها ، طفولتها ، أصدقائها ، ووجدتها تقول :
"أنا وحيدة أبوى ، نشأت على أن أجد كل ما أطلبه حتى قبل أن أفكر فيه ، كان كل أهتمامهما العمل على راحتى ، وكنت عندما ألحظ مشكلة ما ، وكنت أسأل - كأى طفل - عن السبب ، فكانت والدتى تقول لى ، لا تشغلى نفسك بأى شئ ، فكرى فى نفسك فقط ! .
وهكذا فى كل الموضوعات التى تخص أى شخص آخر غيرى ، كان رد أبوى : لا تشغلى نفسك بمشكلات الآخرين ، فليس هناك داع لأن تزعجى نفسك ، فكرى فى نفسك فقط ! .
وهكذا أصبحت لا أهتم بأى حوار ، مادام ليس موجهآ لي شخصيآ ، فهو لا يهمنى ، وشيئآ فشيئآ أقتنعت أنه لا يهم الآخرين كذلك ، أن أتكلم أو أن أصمت وبخاصة إذا كنت سأراهم لمرة واحدة ، وليس المطلوب منى أن نصبح أصدقاء .
وتكلمنا - "فرح" وأنا - عن الكلام فالكلام هو شخصيتنا وجواز مرورنا لعقول الناس وقلوبهم ، وهو أيضآ تعبيرنا عن أهتمامنا وحبنا للآخرين ، والمهم ليس كثرة الكلام ، فالكلام الكثير الذى لا هدف منه ، ولا معنى له ، لا لزوم له ، كما أنه يعرض صاحبه للخطأ ، ولعدم الإهتمام من ناحية مستمعيه ، ومن الأفضل له أن يصمت بدلآ من أن يتكلم كثيرآ ويخطئ .
وليس من المهم أيضآ أن يعرف الإنسان كل شئ ، أو يدعى أنه يعرف كل شئ ليتكلم فيه .
ووجدت "فرح" ترتاح لكلامى معها ، وتوافقنى الرأى ، ولكنها بالفعل كانت فى حاجة إلى مساعدة ، فهى مازالت تشعر بالحرج من الكلام مع الناس ، وبخاصة مع من لم تعتد مقابلتهم كثيرآ ، أو التحدث معهم .
بمرور الوقت وجدت أننى و "فرح" أصبحنا أصدقاء ، وأصبحت هى التى تبادر بالإتصال بى ، وتحضر لزيارتنا ، أصبحت راضية أكثر عن نفسها ، فلقد بدأت فى الشعور بأنها أنتصرت على شئ ظل يفصلها عن الناس .
كما تعلمت أنا درسآ جديدآ فى حياتى ، وهو أنه ينبغى علي ألا أسرع بالحكم على الناس أو تصنيفهم أو إدانتهم ... فالناس يحملون كنوزآ فى أعماقهم .. والذى يحب الناس بإخلاص سيكتشف - ولا شك - فيهم هذا الكنز المخفى