مقال ف.ب ماير
لا تُقللى
لا تُقللى
"استعيرى لنفسك أوعية...لا تُقللى..وصُبّى
فى جميع هذه الأوعية"
2ملوك4(3و4)
هذه الكلمات فاه بها أليشع النبى فى مسامع أرملة مسكينة أتت إليه تقُص رواية بؤسها.ولا شك أن كلمات نبى الله هذه إنما تُعبّر عن نعمة إلهه فقد علم ذلك النبى بلسان مَن يتكلّم وعلى نعمة مَن يعتمد ومن كنوز مَن يسحب الخيرات لذلك لم يُقل للمرأة
"احترسى من التوسع فى جميع الأوعية".كلا فالإيمان لم يسحب كل حسابه بعد من بنك الله لأنه موجود لحسابه فى ذلك البنك
"غنى لا يُستقصى".والإيمان لم يُقدّم بعد لله وعاءً فارغاً إلا ملاه من الزيت.وفى حادثة تلك الأرملة لم يقف الزيت إلا بعد انتهاء الأوعية الفارغة.فالنبع فائض.
والإيمان متعهد باستمرار جريانه إلينا.الإيمان عليه أن يفغر فاه والله عليه أن يملأه.ياله من سخاء وكرم
ربما تقع هذه السطور تحت نظر شخص يائس وقائط من المشهد المحيط به بجملته ليس مشهد العالم-لأن المسيحى الحقيقى لا ينتظر منه شيئاً-بل من نفس إخوته المسيحيين وقد خابت آماله فيهم فقد كان ينظر إليهم من بُعد وإذ كلهم جمال وجاذبية تتجلّى فيهم الروحانية والمحبة والانفصال عن العالم ولكن لما أتى بينهم خاب انتظاره ولم تتحقق أمانيه وقلبه الذى كان كبيراً بالآمال قد جُرح باليأس والفشل.وليس هذا أمراً نادراً أو غير مألوف بل كم من قلب مجروح داخل حدود الكنيسة
ولكن شكراً لله لأن نفس آثار الجروح هذه ما هى إلا أوعية فارغة لتجرى فيها أنهار التعزية من"يسوع المسيح(الذى)هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد"
عب8:13
وكلما كثرت جروح القلب كلما صدَق عليه القول:"لا تُقللى".
ولابد أن الله مالى تلك الأوعية حتى تفيض من الشخص بركة إلى نفس المشهد الذى جلب اليأس والشعور بالفشل.
وبالإجمال مهما كانت حالة النفس
إن فى اضطراب أو حزن فى ضيقة أو يأس فصوت الله واحد لا يتغير:"اذهب استعر لنفسك أوعية
....أوعية فارغة.لاتُقلل".
فالله لا يُصب زيته فى أوعية ممتلىء نصفها بالتدبير البشرى
بل فى كل حال يجب أن يكون الوعاء فارغاً تماماً لكى يظهر أن الزيت قد أتاه من الله رأساً.
وكلمة"فارغة"توصد الباب فى وجه المساعى البشرية
بينما كلمة"لا تُقلل"تفتح الباب لله للعمل.