(2) تاريخ كركميش القديم:
ورد ذكر كركميش في الوثائق الاشورية والبابلية والمصرية القديمة منذ بداية الألف الثانية قبل الميلاد، وذلك في قائمة وُجدت في "سبَّار " ترجع إلى عهد “آمي صدوقا” (حوالي 1900 ق.م) . وقد غزاها تحتمس الثالث في القرن الخامس عشر قبل الميلاد. ثم استولي عليها “سبلو لوماس” ملك الحثيين في 1340 ق.م. وبعد ذلك جاء ذكرها في قصائد الشاعر المصري القديم "بنتأور" الذين يشير إلى شعب كركميش المتحالفين مع شعوب أرفاد وحلب وجوزان ليكونوا جزءًا من جيوش ملك الحثيين "حاتوسيل" الذي دارت معركة قادش الشهيرة بينه وبين فرعون مصر رمسيس الثاني.
وأول ملك اشوري ذكر كرميش هو تغلث فلاسر الاول (حوالي 1268 ق.م) إذ يذكر أنه اجتاح البلاد “من أرض شوحو (الشوحيين) إلى كركميش في بلاد حتو” (الحثيين) في يوم واحد.
بعد ذلك جذبت المدينة أنظار ملك أشور" اشور ناصربال الثاني" (884 - 859 ق.م) الذي بدأ في الثامن من شهر إيار في نحو 870 ق.م. في غزو تلك المنطقة واخذ “ابن بيت حياني” - بعد ذلك بقليل - من سنجارا (حوالي 875 - 825 ق.م) ملك كركميش الذي وصفه بأنه “ملك الحثيين”. وكانت هذه الجزية تتكون من عشرين وزنة من الفضة وأمتعة كثيرة من الذهب، ومائة وزنة من النحاس 520 وزنة من الحديد وأثاث ومركبات وخيل - أي أنه أخذ كنزًا ضخمًا، كما اخذ منه شلمناسر الثاني (859 -824 ق،م) ابن اشور ناصر بال، جزية ضخمة نشت على الغطاء البرونزي لبوابات “بالاوات” وكانت تتكون من “وزنتين من الذهب، 70 وزنة من الفضة 80 وزنة من البرونز، 100 وزنة من الحديد، 30 وزنة من الانسجة الارجوانية. 500 قطعة سلاح، وابنته ومهرها، ومائة فتاة من بنات عظمائه، 500 ثور، 5.000 شاة كما فرض عليه جزية سنوية، ويسجل النقش صفين طويلين من حملة الجزية. وفي الصف الاسفل موكب الاميرة التي تبدو أن أباها كان برفقتها لمقابلة ملك اشور ويذكر “شمس هدد” بن شلمنأسر الثاني - كركميش بأنها على الحدود الغربية لامبراطوريته.
وبعد سقوط الامبراطورية الحثية في 1200 ق.م احتفظت كركميش بثقافتها الحثية، واصبحت مدينة حثية مستقلة. ورغم دفعها الجزية لملوك اشور - كما سبق القول - فكثيرًا ما كانت تشتعل الحروب بينها وبين أشور.
وفي 717 ق.م دمر سرجون الثاني ملك أشور (722 - 705 ق.م) المدينة وأسر ملكا “بزيريس”، ونقل سكانها منها، وأسكن الاشوريين مكانهم (ارجع إلي اشعياء 10:9). ولكن المدينة نهضت مرة اخرى واستعادت اهميتها بعد سقوط نينوى في 612 ق. م. ولكن احتلها بعد ذلك (في 609 ق.م) نخو الثاني فرعون مصر (ارجع إلى 2أخ 35:20) وجعل منها مركزًا إداريًا لحكم سورية على مدى بضع سنوات،
إذ إنه في يونيو 605 ق.م هزمه نبوخذ نصر الثاني ملك بابل واستولى على المدينة، كما تدل على ذلك الوثاق البابلية (ارجع ايضًا إلى إرميا 46:2).