فيجب التمييز بين الكرازة (كيريجما - Keregma - Kerygma) والتعليم (didache - ديداكي، ديداخي) فيقول متى البشير: "وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب" (مت 4 :23). ويقول الرسول بولس إن الرب “أعطى البعض أن يكونوا رسلًا، والبعض أنبياء والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين (أف 5 :11). ومع اختلاف الكرازة عن التعليم، فإن لكليهما أساسًا واحدًا، فالكرازة هي التبشير بما فعله الله في المسيح لأجلنا، والتعليم يختص بما يضعه هذا العمل من التزام اخلاقي على المؤمن بالمسيح، وما يجب أن يتحلى به من سلوك·
ورغم حصر الكرازة في هذه الحدود لتأكيد معناها الجوهري في العهد الجديد، فليس معنى هذا أنه لم تكن ثمة كرازة في العهد القديم، فقد كان الانبياء ينادون برسالة الله بدعوة من الله، فقد أمر الرب يونان أن يذهب إلى نينوى وينادي عليها (يونا 1 :1، 3 :1) ويقال عن نوح إنه كان “كارزًا للبر” (2بط 2 :5) واستخدامت الترجمة السبعينية كلمة (Kerysso) "يكرز" بمعنى ينادي (يؤ 1 :14)، "ويعتف" (زك 9:9) و "يبشر" (إش 61 :1) كما أن كلمة “الجامعة” (جا 1:1 و12) تعني من يجمع جماعة من الناس ليخاطبهم ويقول الرسول بولس عن الإنجيل: “الذي جعلت أنا له كارزًا ورسولًا (1تي 2 :7).