538 - احيانا ً نخرج من بيوتنا فتستقبلنا الشمس فاردة ً اذرعتها الذهبية ، تحتوينا . والسماء صافية فوقنا تغطي الكون وتصب زرقتها في زرقة البحر عند الافق . واحيانا ً نخرج لنواجه عاصفة ً عاتية وريحا ً تهب بقوة ٍ تضرب ، تلطم . مطر ٌ ينهمر ، يُغرق . سيل ٌ يجرف ، يهدم . الاشجار تهتز وتترنح ، البيوت تتحطم . مهما تقدم العلم ، مهما اجتهد الدارسون ، مهما راقب وثابر المتنبئون ، يُخطئون . فجأة ينقلب الجو ويتغير الحال . السماء الصافية تمتلأ بالسحب والغيوم السوداء . الشمس تهرب ، تختفي ، تنسحب . الظلام يغزو كل مكان ، والمطر يسقط في طوفان . هل وقفت مرة ً في مهب الريح ؟ هل صدمك واراد أن يقتلعك ويتلاعب بك ؟ لطمات ٌ تضرب بدنك وتصفع وجهك ، فإن نجح في أن يطرحك أرضا ً ، يتلقفك السيل ، يحملك كورقة أو قشة على سطح نهر ٍ جار ٍ ، يأخذك حيث يريد أن يلقي بك . تحاول ان تمسك بشيء ٍ ثابت لتوقف اندفاعك فلا تجد اصابعك الا الهواء . تنبأ اشعياء النبي وقت ان مرت البلاد في حرب ٍ وصراع ٍ ضار ٍ مع جيرانها . حرب ٌ تشبه الريح الشديدة العاتية وصراع ٌ كالسيل يهدم ويحطم كل شيء . وبحثوا عن معين ، عن حليف ، عن صديق ٍ قوي يحارب معهم ويصد الهجوم . من يستطيع ان يوقف ذلك كله ؟ من يصد الريح ؟ من يقفل ميازيب الغمر ؟ لا يستطيع ذلك أحد ٌ من البشر . يقول اشعياء النبي : " وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَنْزِلُونَ إِلَى مِصْرَ لِلْمَعُونَةِ ، وَيَسْتَنِدُونَ عَلَى الْخَيْلِ وَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى الْمَرْكَبَاتِ لأَنَّهَا كَثِيرَةٌ ، وَعَلَى الْفُرْسَانِ لأَنَّهُمْ أَقْوِيَاءُ جِدًّا " ( اشعياء 31 : 1 ) لكن الرب يدين ذلك ، يدين الاعتماد على ذراع بشر وعلى قوة جيش ٍ وفرسان . ويستمر النبي ينذر بالويل : " وَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ وَلاَ يَطْلُبُونَ الرَّبَّ ". الرب ملك ٌ يملك بالعدل . الرب رئيس ٌ يترأس بالحق . الرب هو النصير وهو المجير . الرب " مَخْبَأٍ مِنَ الرِّيحِ " . لا تصل اليك لطمات الريح ولا صفعات الزوبعة وانت به . الرب " سِتَارَةٍ مِنَ السَّيْلِ " . لا يجرفك سيل ، لا يبل خصلات شعرك مطر وانت في ستره . الرب " سَوَاقِي مَاءٍ فِي مَكَانٍ يَابِسٍ " ، في البرية القاحلة الجافة فترتوي وتشبع وانت معه . الرب " ظِلِّ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فِي أَرْضٍ مُعْيِيَةٍ " . صخرة ٍ شامخة مرتفعة أعظم من كل وهن ٍ واعياء ( اشعياء 32 ) انت خاصته ، انت موضع اهتمامه وحبه ، لا تلجأ لانسان . هو مخبأك الأمين ، هو صخرتك القوية ، هو الله وانت ابنه .