دروس من حياتها
الانسان المطيع ينمو في الفهم:
ان من يسمع عن القيامة للمرة الأولى قد يلزمه بعض الوقت ليستوعب هذه القصة العجيبة المذهلة، وقد يمر مثل مريم بمراحل عديدة من التصديق والايمان.
فلما كان شغف مريم المجدلية بالايمان والطاعة أكثر من اهتمامها بتفهم كل الامور لان ايمانها كان مباشراً وصادقا، لاحظنا كيف نمت تدريجياً في تفهم قيامة المسيح، م
ن خلال ردود افعالها تجاه صلبه ودفنه وقيامته.
ذلك الرد النابع من محبتها وشعورها بالامتنان لذلك الذي حرر حياتها. فبعد موته ولأن همها الوحيد كان الذهاب الى القبرلتعبّرعن محبتها لسيدها بتطييب جسده،
فانها لم تفكر حتى بالحجر الموضوع على القبر وكيفية دحرجته، وبعدما وجدت الحجر مرفوعاً لم تدرك حتى وقتها انه قام، رغم لمسات القيامة الواضحة والشهادة القوية، بل ظنت بان الجسد قد أُخذ، فلم يكن ذهنها قد ارتفع لما فيه الكفاية لقبول القيامة من خلال البراهين الموجودة، حتى جاءها صوت الرب ينادي باسمها، عندها تعرّفت عليه في الحال، وتجاوبت مع ذلك بالفرح والطاعة في إخبار التلاميذ..
وفي كل ذلك نفهم كيف كان الرب يعلّم مريم درسا في الايمان، لينفتح الباب امامها لتدخل شيئاً فشيئاً الى فهم القيامة. فاذ بحثت عنه بغيرة متقدة ومحبة، وطلبته بدموعٍ وبقلبٍ منكسر، دون ان تدرك أنه قريب من منسحقي القلوب
(مز ٣٤: ١٨)،
أقرب مما يظنوا. تأهلت ان تسبق غيرها في التمتع بصوته المفرح، ويالها من نعمة تلك التي نمت فيها وتمتعت بها، فقد سرّ السيد المسيح أن يهبها فرح قيامته لكي تشهد وتكرز بانجيل القيامة، فذهبت وفعلت حسبما أُمِرَت.. هكذا يليق بنا حين نطلبه، أن ندرك أنه قريب إلينا جدًا، فوق كل تصورٍ بشري. فهو في داخلنا يود أن يعلن ذاته لنا.
المرأة لها دورها الحيوي في خدمة يسوع:
ان كان العهد القديم لم يتجاهل دورالمرأة تمامًا، لكن العهد الجديد رفع من شأنها، فقد قيل عن هذا العهد: "ويكون بعد ذلك أنِّي أسكب روحي على كل بَشَر فيتنبَّأ بنوكم وبناتكم"
(يوئيل 2: 28).
ذلك ما تحقق فعلا في خدمة يسوع، حيث تظهر مريم المجدلية بأمانتها الداخلية العجيبة المذكورة اعلاه.
وفي حادثة الصلب والدفن والقيامة نرى دورا بارزا للنساء،
فحتى لو لم يكن في طاقتهن إلا عمل القليل، حيث لم يكن في مقدورهن أن يتكلمن أمام السنهدريم دفاعاً عن يسوع.
ولم يكن في مقدورهن أن يلجأن الى بلاطس، لم يكن في مقدورهن الوقوف في وجه الجماهير أو التغلب على الحرس الروماني،
ولكنهن فعلن ما قدرن عليه، فمكثن عند الصليب بينما هرب التلاميذ، وسرن وراء جسد يسوع إلى القبر وأعددن أطياباً لجسده.
ولانهن أحسنّ انتهاز الفرص التي كانت متاحة لهن، كن أول من شاهد القيامة، لقد بارك الله اخلاصهن واجتهادهن واصبحن كارزات بالقيامة.
وتتطلَّع الكنيسة اليوم إلي الفتيات والنساء كأعضاء في جسد المسيح يُشاركن الرجال عضويَّتهم، وقلوبِهن مذبحًا للرب، وهيكلاً للروح القدس.
يسوع يتعامل مع المرأة لأنه خالقها، فهي تعكس أيضا صورة الله:
منذ البداية نرى الكتاب المقدس يضع الرجل والمرأة على حد سواء، على قمة خليقة الله، دون انتقاص من قدر احدهما، فكلاهما خلقا على صوررته
(تك27:1).
ولكن بعدما بدأت المعايير تختلف في الحضارة اليهودية، التي كانت وكا ذكرنا سابقا تعتبر النساء مواطنات من الدرجة الثانية، لها بعض حقوق الرجال فقط،
ولم يكن مسموح لها بتلقّي التعليم على يد المعلمين،
نرى ان مجيء الرب يسوع رفعها من الانحطاط والعبودية الى الشركة والخدمة التي ظهرت جلية في تعامله معها من خلال لقاءاته ببعض النساء وموقفه منهن
أهمية القيامة:
إن قيامة الرب يسوع هي مفتاح الإيمان المسيحي، ويمكننا ان نختصر اهيتها بما يلي:
(1) تماما حسبما قال يسوع فإنه قام من بين الأموات. ومن ثم يمكننا أن نثق في أنه يتمم كل وعوده.
(2) إن قيامة يسوع بالجسد ترينا أنه المسيح الحى وليس نبيا أو مدعيا. وأنه رئيس مملكة الله الأبدية
(3) لأنه هو قام فإننا واثقون من قيامتنا نحن أيضا. وليس الموت هو النهاية بل هناك حياة في المستقبل
(4) إن قوة الله التي أقامت يسوع المسيح من بين الأموات، متاحة أمامنا الآن لتقيم الموتى روحيا إلى الحياة
(5) إن القيامة هي أساس شهادة الكنيسة للعالم.. لذلك فمن المهم جداً أن نفهم بانه لا أحد يقدر أن يقبل حقيقة القيامة إلا عند مقابلته ليسوع شخصيا
(يو20: 16)،
حينها فقط، وبعد أن يقدم تعهده أمام الرب يسوع ويكرس حياته لخدمته يبدأ في الإدراك التام لواقع حقيقة قيامته وحضوره الدائم معنا وحتى انقضاء الدهر.