قصة
الشاب ببنودة هذا الراهب المملوء من كل ثمار الروح القدس ، الذى بجهاده إستطاع أن يقتنى الفضائل الروحية ، ولهذا فاح شذاه وكان يقصده القريب والبعيد لكى يتزود منه زاداً روحياً ، ولكن بعد كل هذا هل تتركه الشياطين لقد كان يرقب جهاد القديس بفنودة شيخ حاسد وبدلاً من أن يسر به ويصلى من أجل نموه أكثر وأكثر ويمجد الله فى قديسه . الشاب التقي سمح للشيطان .. شيطان الحسد أن يتسلل ويدخل إلى قلبه . لقد فقد هذا الشيخ كل محبة لأن الحسد أعمى عينيه الروحية ، لم يستطع أن يحتمل بفنودة هذا الراهب المميز الناجح ، جائته فكرة بعد تفكير طويل ألا وهى بينما يغادر الرهبان أماكن سكناهم للذهاب إلى الكنيسة وحينما
يتأكد أن بفنودة ترك قلايته ، يسرع دون أن يراه لكى يخفى
إنجيله الغالى الثمين . بين سعف بفنودة وفى قلايته ، ويخرج مسرعاً دون أن يلحظه أحد ، ليدرك الرهبان قبل دخولهم الكنيسة . وحالما يقترب منهم يذيع النبأ الحزين ألا وهو " فقد سرق واحد إنجيله الغالى الثمين " . وأمام الأنبا إيسيذورس قسيس القلالى ردد فى حسد هذه الكلمات ، لا يجب ولا يصح ولا ينبغى أن يحدث مثل هذا فى مكان سكنى القديسين ، وهنا يقف الأنبا إيسيذورس موقفاً حازماً بأنه أمر أن تترك الصلاة إلى حين ، وتفتش كل القلالى ، عساهم أن يجدوا السارق ، فيأخذ عقابه جزاء ما فعل ، وما بسبب فى تكدير الرهبان ، وهنا جلس الشيخ الحاسد ينتظر لحظة الفضيحة. ينتظر هذه اللحظة ويتمتع بها حينما يظهر بفنودة الذى عرف بوداعته وفضائله أنه السارق ومتلبساً بالجريمة . وبعد التفتيش يظهر بفنودة أمام الكل أنه السارق وكيف ينكر وقد وجدوا الإنجيل فى قلايته وبين سعفه ، ولكن بسبب وداعته لم يشأ حتى أن يدافع عن نفسه متشبهاً بسيده الذى سيق للذبح ، أما هو فتذلل ولم يفتح فاه ، وقبل فى نفس راضية أن يقف على عتبة الكنيسة ، محروماً من دخولها ، ينحنى لكل داخل ، ويصنع له ميطانية
كعادة الرهبان ، يطلب المغفرة والصلاة من أجله ، بينما
تكسُو وجهه الدموع ، إغفرلى وسامحنى.. إغفرلى وسامحنى ، صلى من أجلى ... إلخ . ولكن الله لم ينسى جهاد بفنودة ولم ينسى له إتضاعه ومحبته ، لم ينسى صلاته وسهره فلا بد للحق أن يظهر ، ولو دُفن فى أعماق الرمال ... ففى يوم فوجئ الرهبان أن هذا الشيخ الذى بلغ عن سرقة إنجيله صار متأزماً ومتألماً يقوم من على الأرض ليقع ثانيةً متوجعاً ، نعم مسكين هذا الشيخ لقد دخله روح نجس وكان يصرعه ولا يشفق عليه ولا على شيخوخته ، وهنا أتوا به إلى معلمهم القديس إيسيذورس فهو له السلطان المعطى من الله فى سرعة إخراج الشياطين ... ولكنه فى هذه المرة لم يستطع أن يخرج هذا الروح الشرير . وهنا كان إستعجاب الرهبان ، فهل على مدى أربعين عاماً لا يعجز فى إخراج روح شرير فلما عجز تلك المرة ؟!. تعجب القديس إيسيذورس كثيراً من أمر هذا الشيخ وأخذ يسأله ، أى شر فعلت أيها الشيخ حتى صرت مسكناً للشيطان يعذبك ولا يريد الخروج منك أخبرنى من فضلك ؟ وهنا أحنى الشيخ رأسه إلى الأرض وفى مذلة قال هذا الشيخ الحاسد وقال بكل ندم مصحوب بدموع الذل وإبتدأ يعترف جهراً
أمام الرهبان بخطيئته ، حسده الذى تعاظم حتى أضر
بفنودة القديس ، ولكنه قبل أن يفتح فاه بالإعتراف قال له القديس إيسيذورس لن يخرج منك الشيطان أيها الشيخ الحاسد إلا بفنودة الذى إحتملك وإحتملنا كلنا ، وهنا ينحنى الشيخ المعذب أمام بفنودة ليصلى عليه ويعتقه من الشيطان الذى لم يكن له أن يدخله ، لولا أن سمح لشيطان آخر ، هو شيطان الحسد ، أن يدخله ويدمر حياته . إنحنى الشيخ فى مذلة يكسوه العار والخزى لأن الحسد لا يضر إلا صاحبه .
نعم الحاسد لا يمكن مغادرة خطيئته بل يصير كالخنزير المتمرغ فى الحمأة " الشيطان حاسد ، لكنه يحسد البشرية ، ولا يحسد شيطاناً آخر ... " يوحنا ذهبى الفم " "
أما أنت فإنسان وتحسد أخاك الإنسان ، وبالأخص الذين هم من عائلتك وعشيرتك الأمر الذى لا يصنعه الشيطان .