[walaa farouk]

إلهي لماذا خلقتني أعمى، مريض، فقير...؟
سؤال كثير ما يتردد على ألسنة البشر! عندما تُصيبهم الأمراض وتحل بهم الضيقات أو تعصف بهم التجارب ولا يقون على احتمالها! ولو عرفنا طبيعة الله لعرفنا سبب خلقتنا، فالله واحد في ثالوث وثالوث في واحد، الآب والابن والروح القُدُس، وهذا الثالوث القدُّوس يرتبط معاً بأعظم رباط ألا وهو: المحبَّة، الَّتي تسري بين الأقانيم بفيض لا ينقطع.
دائرة المحبَّة الإلهيَّة هذه لم تبقَ مُغلقة على ذاتها، بل أراد الله أن يفتحها لكي تدخل كائنات أُخرى تحيا معه حياة هادئة جميلة، ولذلك خلق الملائكة والبشر، وأصبح في قلب الله، في قلب محبَّته، يوجد كل واحد منَّا!
لكنَّ الإنسان لم يُحافظ على صورته المُقدَّسة الَّتي خُلق عليها، لكي يستقر في قلب الله إلى الأبد! فعصى وقد كان وحدثت المأساة! فخرج من دائرة الحُب ليحيا على أرض الشقاء، فالنور والظُلمة لا يلتقيان، وقلب الله الطاهر لا تسكنه كائنات نجسة، فماذا فعل الله ليعالج مشكلة سقوط الإنسان؟ ترك عرش مجده ونزل إلى أرض الشقاء، ليخوض بحر الآلام المضطرب بأمواج الشر، حُبَّاً فينا ورغبة في خلاصنا.
فإن كان الله قد أحبّك منذ الأزل فواضح أنَّ محبَّته تدوم إلى الأبد، ولهذا قال الله: " َمحبَّة أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ " (إر3:31).
كما أنَّ محبَّة الله لا تخضع لتغيرات الزمن، لأنَّ الله لم ينقش أسماء أولاده على جدران العالم الزائل، بل نقشها على كفِّه الأزليّ الأبديّ، ولا يمكن لإنسان أو شيطان أن يمحو نقشه " هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ " (إش16:49).