فلما رقد قديسنا بالرب ودفنه الآباء، حدث أن الأسد، بتدبير من الله، لم يكن موجوداً. فلما عاد أخذ يبحث عن صديقه فلم يجده. وإذ رآه ساباتيوس، تلميذ الأنبا جراسيموس، قال له: يا أردن، لقد غادرنا راهبنا يتامى إلى الرب، ولكن تعال وكل. فلم يشأ الأسد أن يأكل. كان ينظر يميناً ويساراً باحثاً عن صاحبه وهو يزأر كمن لا يطيق الفراق. حاول ساباتيوس والآباء التخفيف عن الأسد. قالوا له: لقد ذهب الراهب إلى الرب. تركنا. لم يعد هنا. لا شئ خفف عن الأسد لوعته. كان يزداد زئيراً وأنيناً. إذ ذاك قال له ساباتيوس: تعال معي يا أردن. طالما لا تصدقنا فسأريك أين وضعناه. فجاء ساباتيوس والأسد إلى القبر على بعد نصف ميل من الكنيسة. فلما بلغاه قال ساباتيوس: هنا يرقد راهبنا، ثم جثا على ركبتيه. فلما رآه الأسد جاثياً ضرب رأسه أرضاً وزأر زئيراً عظيماً وسقط عند القبر صريعاً.
هذا وقد علقّ يوحنا موسكوس على ما حدث للأسد فقال إن ما جرى كان لا لننسب للأسد نفساً ناطقة بل لأن الله أراد أن يُمجِّد الذين يمجّدونه، لا فقط في مدة حياتهم ولكن بعد موتهم أيضاً، وكذا أن يبيّن كيف أن البهائم كانت خاضعة لآدم قبل أن يتعدى الوصية ويُطرد من الفردوس.