كان جراسيموس صارماً في حفظ قانون الحياة بين رهبانه. مرة سألوا إذنه ليشعلوا ناراً لتسخين الماء وتناول المطبوخ والقراءة على ضوء القنديل فأبى عليهم ذلك بشدة. كان يخشى أن يؤول الأمر إلى تراخي رهبانه وطلبهم المزيد من تسهيلات الحياة فيفسُد سعيهم، وعوض أن تسمو أذهانهم إلى العلويات تهوى إلى السفليات.
سكان أريحا بلغهم خبر ما يقسو به هؤلاء النساك على أنفسهم فشاؤوا أن يحملوا إليهم،أيام السبت والأحد، بعض المرطبات. هذا كان من ناحية السكان عمل محبة ممدوحاً. أما النساك فكان مدعاة للقلق. أكثرهم كان يهرب من إقبال الناس عليهم لأنهم رأوا في عمل الإحسان حيالهم تجربة تنال من سعيهم إلى حفظ الصوم، لا سيما وأبوهم الشيخ أوصاهم أن الإمساك أب الزهد الكامل وبه يقوون على السهر وحفظ انفسهم من الأفكار السمجة.