رجل المواجهة
وكما كان ثيودوروس رجل المواجهة في شؤون الحياة الرهباينة، كان كذلك في شؤون الكنيسة عموماً، لاسيما في حفظها من تسلط الأباطرة والموظفين المتنفذين والوقوف في وجه ممارساتهم الكيفية واستهانتهم بالحق الكنسي. من ذلك وقوفه في وجه الإمبراطور قسطنطين السادس بعدما طلق زوجته لسبب أهوائي وأراد الاقتران بأخرى. وقد أبى البطريرك مباركة زواجه، فأتى الإمبراطور بكاهن تمم الزواج. وتحول التحدي إلى صراع طالما عانت منه الكنيسة في علاقتها بالدولة: سعي الدولة إلى فرض نفوذها على الكنيسة وسعي الكنيسة إلى الحفاظ على استقلالية قرارها. وقد كان لثيودوروس دوره في هذا السياق لاسيما وأنه كانت للرهبان، عموماً، كلمة يقولونها في القضايا التي تمس الكنيسة، عقائد وقوانين. وكانت النتيجة أن احتدمت المواجهة وعمد الإمبراطور إلى نفي ثيودوروس إلى تسالونيكي حيث مكث في ضيقات وشدائد سنة كاملة إلى أن تمت إزاحة الملك قسطنطين عن كرسيه فعاد ثيودوروس إلى ديره مظفراً واعتبره الشعب المؤمن رمزاً لصمود الكنيسة في وجه عبثية الحكام: ولكن، لم تطل إقامته في ديره كثيراً إذ اضطر في العام 798 للميلاد إلى مغادرته إلى القسطنطينية بعدما تواترت غزوات العرب لناحية جبل الأوليمبوس. هكذا انتقل أهل دير ساكوذيون برمتهم إلى الدير المعروف باسم "ستوديون" في القسطنطينية، نسبة إلى القنصل الروماني "ستوديوس" الذي أسسه في العام 463 للميلاد.