رفع ثيودوروس صوته عالياً: "أنا أحرقته!" لم يخطر بباله أن يتوارى، بل تباهى بعمل يديه كمن يستأهل عليه مجداً مخلداً. وإذ اعترف بفعلته ولم ينكر أخذ يسخر من الوثنيين علناً مستهزئاً بما كانوا يبدونه من أسف على خسارة هيكلهم وإلهتهم.
ثم أن القضاة أرسلوا فقبضوا عليه وأوقفوه أمامهم، فخاطبهم بثقة كاملة وحرية ضمير ملفتة. بدا كأنه لا في موقع المجرم بل من له سلطان فأفحمهم بكلامه. وإذ رأى القضاة أن ثيودوروس لم يفقد شيئاً من صلابته ولا بانت عليه علامات الخوف من التعذيب، بل استمر في الكلام بالثقة عينها التي أبداها أول أمره، عدلوا من لهجتهم وحاولوا استمالته بالوعود والإطراء، عارضين عليه رتبة رئيس كهنة لديهم. فسخر منهم وقبح عرضهم معتبراً كهنة الآلهة أشقى من في الأرض، ورؤساءهم مدعاة لا للشفقة بل للتقزز. لذا نصحهم بألا يتعبوا عبثاً بتقديم عروض تمجّها نفسه.
وأردف أنه خير لمن يريد أن يحيا في التقوى والبراءة أن يقضي زمانه مجهولاً وأن يكون صعلوكاً في بيت إلهه من أن يقيم في قصور الخطأة.