باسيليوس الراهب
ذكر الموت بالنسبة لثيودوسيوس كان عماد الحياة النسكية والدافع الأقوى إلى حياة الفضيلة. لذلك جعل تلاميذه يبنون لأنفسهم قبراً ليرى كل منهم إلى أين هو ذاهب وما ستؤول إليه حاله فيعدد نفسه لرحلة العمر إعداداً جيداً. فلما استكملوه التفت ثيودوسيوس إليهم وقال لهم: "ها أن القبر قد أصبح جاهزاً فمن منكم يرغب في أن يُدفن فيه أولاً؟" وكان بين التلاميذ كاهن راهب فاضل مطيع يدعى باسيليوس وكان متحمّساً يشبه ثيودوسيوس في كل شيء كمثل طفل لأبيه. هذا تكلّم أولاً فقال: "أنا، يا معلمي، من سوف يفتتحه بصلاة قدسك!" ولما قال هذا حنى عنقه وانتظر راجياً ثيودوسيوس أن يأذن له بالدخول إلى القبر. وهكذا كان. لم يكن الرجل يشكو من أية علّة في البدن، فأشار إليه ثيودوسيوس بالدخول فدخل لينام نوماً هادئاً. فأمر القديس بإقامة الخدمة الجنائزية عليه كما في اليوم الثالث والتاسع والأربعين. فلما أكملوا صلاة الأربعين لفظ أنفاسه بسلام. وقد بقي بعض الإخوة يشاهدونه قائماً معهم مرتّلاً في الكنيسة طيلة الأيام الأربعين.