لا ينبغي أن يظن أحد - على الإطلاق - أنه يخدم من أجل أن يصير إنسان روحاني، أو لكي تستقيم حياته وتُضبط في سرّ التقوى (لأن للأسف فيه بعض الناس بتروج على أنك لما تخدم تبقى كويس)، لأن الخدمة لا تسبق إقرار الحياة مع الله والتوبة الحقيقية إطلاقاً، ولا تصدر إلا من المحبة الإلهية الساكنة في القلب مع وجود موهبة بالروح القدس، ولا يصح أن ندخل فيها إطلاقاً - تحت اي حجة - حسب اختيار الناس وظنهم فينا أو حسب اختيار إنسان.
فيا إخوتي اعلموا كما سبقت وكتبت لكم، أن الخدمة عمل سري فائق لطبيعة الإنسان وكل إدراكاته وإمكانياته العقلية والنفسية والجسدية، فيلزمنا أن نتحقق من طبيعة جوهر الخدمة جيداً جداً بالصلاة الدائمة وإصغاء الأذن الداخلية لصوت الله، بانفتاح الذهن بالنور الإلهي حتى نُدرك مشيئة الله وماذا يُريد منا على وجه التحديد، وبذلك لا نعود نُخطئ في استخدام الوسائل المتعلقة بالخدمة التي صارت اليوم محور عمل خدام كثيرين الذين – دون أن يدروا – ابتعدوا تماماً عن الهدف الحقيقي للخدمة وزاغوا عن الحق وانجرفت ارجلهم سريعاً في طريق شبه مستقيم.
(1) الإيمان الحي: والإيمان الحقيقي ليس هو الاعتقاد بأن الله قادر على كل شيء، بل هو يقين بأن الله مُتمم حتماً كل ما وعد به مهما ما كانت الظروف معاكسة ومن المستحيل حسب الظاهر أنها تتم، أو أنه تأخر في الزمن عن تتميم وعده.
(2) شهادة الحياة بإيمان حي في خبرة الشركة مع الله: الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا (1يوحنا 1: 2 – 3)، وهذا هو عمل الإيمان العظيم، في نقله الحياة الأبدية من قلب لقلب، وهي ضرورة موضوعه على كل من ينال هذه الحياة: [ومن يسمع فليقل تعال] (رؤيا 22: 17)، [تعالى وانظر وجدنا مسيا]
(3) سرّ المسيح الرب: أن يكون الإنسان مسيحي حقيقي، معناها أنه يحيا ويعيش بروح المسيح ويعمل بوصاياه، وهذا يدخل ضمن سر الخليقة الجديدة، وهذا لا يستطيع أي إنسان على وجه الأرض مهما كان عالماً وحاذقاً وحكيماً وعنده قدرة على استخدام الألفاظ والكلمات أن يفسره أو يشرحه مهما ما بلغ من قدرة على البلاغة في الكلام، والمسيح الرب نفسه وضح هذا في حديثه مع نيقوديموس أن هذا الأمر يتم بالروح القدس سراً دون أن يراه أحد أو يلحظه إنسان، كهبوب الريح لا يعرف الإنسان من أين يأتي وإلى أين ينتهي، فجوهر الخدمة هو أن يصير المخدوم مسيحياً على يدي الخادم الحي بالله، أي يتم فيه سر المسيح الرب الغير مفحوص وغير المُدرك، وطبعاً ليس بقدرات الخادم الخاصة بل بموهبة الله التي فيه بالروح القدس وليس بأفكاره الشخصية وحذقه وقدرته على الكلام.
وسر المسيح الرب القدوس ليس معرفة أو تعليماً أو مجرد سلوك وأخلاق ولا مجرد تبليغ عن مبادئ نعيش بها وسط العالم وأفكار ومُثُل عُليا.. الخ، إنما هي توصيل روح وحياة تعتق من سلطان الخطية والموت، وهي بالنسبة للمخدوم قبول روح المسيح وحياته في داخله.
+++ يا إخوتي أنتبهوا أرجوكم +++