وهذه القصة تتكرر في كل جيل وعصر، حيث يحتفظ الناس بخنازيرهم دون يسوع المسيح.. وهم في سبيل هذه الخنازير تسقط عواطفهم تجاه آدمية الإنسان وسلامته وحياته ونجاته! على أن القصة تكشف أكثر من ذلك عن سلطان المسيح على الشيطان، فمهما كانت قوة الشيطان، فإنه يفزع دائمًا من المسيح، وأنه يعرف سلطان المسيح عليه، وأنه يسجد لهذا السلطان وهو يدرك تمامًا أن يومه آت، وإذا كان له من انتظار، فهو ألا يعذبه المسيح قبل الوقت المعين لعذابه، ومهما كان من سيطرة الشيطان وسطوته، حتى إنه جعل من إنسان بائس معسكرًا له، إلا أن قوة المسيح أعلى وأعظم، وهو بالكلمة الآمرة، يغير كل شيء في لحظة، وها نحن نرى الرجل «جالساً ولابسًا وعاقلاً» وهل نرى في هذه ثلاثية الكيان البشري، فالجلوس يكشف عن الإرادة التي لم تعد معذبة، بل نالت راحتها الكمالة، والمسيح حقًا مريح التعابى وفادي الخطاة، وهو الصادق في قوله : «تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (مت 11 : 28) واللبس يكشف عن الناحية العاطفية التي تخلصت من عريها وفضيحتها، ففي المسيح تتحول عاطفتنا إلى العاطفة الصحيحة المحتشمة الكريمة، والمسيح على الدوام يعطينا أحشاء رأفات ولطفًا وتواضعًا وطول أناة!! وهو يحملنا بالأخلاق المسيحية الكريمة السمحة، وهو إلى جانب هذا كله يردنا عن الجنون إلى العقل السليم، وكل إنسان بعيد عن المسيح هو مجنون إلى أن يجلس عند قدميه وقد امتلأ بجلال التعقل، وروعة المنطق الصحيح!! وعندما وصل الرجل إلى هذا الوضع، تحول شاكرًا وشاهدًا لنعمة يسوع المسيح المباركة...