كنيسة جديدة
وفيما كان الأسقف والمؤمنون محتارين في شأن تحويل ما تبقّى من هيكل زفس بعد إحراقه إلى كنيسة أو إنشاء كنيسة جديدة في الموضع، وصل رسل من القسطنطينية ومعهم رسالة من الملكة ورسم للكنيسة التي تريد أن يباشر الأسقف ومؤمنو غزّة ببنائها وكانت بشكل صليب. فتداعى المؤمنون، كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، إلى العمل على إنشاء الكنيسة الجديدة. وقد دكّوا الرخام المتبقي من هيكل زفس وبلّطوا به الطرقات، واستعان الأسقف بمهندس إنطاكي اسمه روفينوس للإشراف على بناء الكنيسة الجديدة. وقد تمّ إرسال الأعمدة والمرمر للكنيسة من القسطنطينية، اثنين وثلاثين عموداً. كما أعدّ الغزّاويون حجارة ضخمة من إحدى التلال غربي المدينة. يُذكر أن جميع المسيحيين عملوا في بناء الكنيسة الجديدة بمن فيهم بورفيروس الأسقف.
وحدث بعد قليل من مباشرة العمل أن ثلاثة أولاد دنوا من بئر في الهيكل الوثني. وإذ كانوا يسعون إلى الحصول على بعض الماء منه انكسر بهم الخشب الذي كانوا واقفين عليه وهووا في باطن الأرض. فتسارع المؤمنون إلى نجدتهم وأخذوا ينادونهم فلم يُسمع لهم صوت وكانت البئر عميقة. وحضر بورفيروس الأسقف وأخذ في الصلاة والبكاء سائلاً الرب الإله أن يحفظ الأولاد لئلا يقول الوثنيون عن المسيحيين: أين هو إلههم؟ وبعد سحابة ساعة من الزمن طلب أن يُمَدَّ حبل إلى قعر البئر ونزل أحد المؤمنين فإذا به يجد الأولاد الثلاثة على صخرة سالمين معافين وكانوا في النور فمجّدَ الله ونادى أن الأولاد بخير. ثم أنهم سُحبوا من البئر فكان فرح الكنيسة بعمل الله وشكرُهم له عظيماً. يذكر أن صليباً ارتسم على كل من الأولاد الثلاثة بلون الحمرة.
استغرق بناء الكنيسة خمس سنوات وأُطلق عليها اسم أفدوكسيانا نسبة للملكة أفدوكسيا، ووُزِّعت العطاءات على الغرباء والفقراء إثر تدشينها.