في طريق العودة
واشتهى الأسقفان، أثناء عودتهما، أن يمرّا، في رودس، ببروكوبيوس الناسك فاعترضهما صاحب السفينة ولم يشأ أن يلبي رغبتهما بحجّة أن الأهوية كانت مؤاتية للإبحار ولا يريد أن يتأخر. وبعدما تقدّمت السفينة يومين هبّت عليها عاصفة هوجاء وأضحت في خطر. وعبثاً ابتهل الجميع إلى الرب الإله. لم تشأ العاصفة أن تستكين. وفي غفوة، بعد ليل صاخب، عاين بورفيريوس بروكوبيوس الناسك يقول له: بشّر صاحب السفينة واختمه لأنه من أصحاب بدعة آريوس. أعدده ليلعن تعليم آريوس تستكين العاصفة حالاً. فلأنه آريوسي لم يشأ أن تأتيا لزيارتي في طريق عودتكما. علّمه فيقتبل منك الإيمان الصحيح. فلما صحا بورفيريوس أخبر من معه بما شاهد ودعا صاحب السفينة وقال له: أتريد للعاصفة أن تهدأ؟ فأجاب: طبعاً! فقال: إذن اكفر بإيمانك وعُدْ إلى الإيمان القويم! فاندهش صاحب السفينة لأنه لم يُخبر أحداً بمذهبه وأجاب: إني أرى أن لك علماً بمكنونات القلوب، لذلك أقول لك إني من هذه الساعة أنكر هرطقة آريوس وأسألك أن تعلّمني الإيمان الصحيح. فأخذه الأسقفان وصلّيا عليه وختماه وكلّماه بكلام الإيمان القويم وناولاه الأسرار المقدّسة. في ذلك الوقت بالذات هدأت العاصفة فسارت السفينة في البحر أربعة أيام أخرى إلى أن وصلت إلى مايوما، مرفأ غزّة.