نحو الرهبنة
اتصل باسيليوس بأفسطاتيوس السبسطي الذي كان معروفاً، يومذاك، في الأوساط الرهبانية، بنظرياته وطريقته المتشددة. ولعل إرشادات أفسطاتيوس هي التي شجعته على القيام برحلة إلى المراكز البارزة للحياة الرهبانية في العالم المسيحي. مصر وفلسطين وسوريا وبلاد ما بين النهرين فزار كبار المتوحدين المعروفين في ذلك الزمان كما أقام في الأديرة المعروفة. أذهله تقشف النساك وعكوفهم على الصلوات الطويلة. والحق أن رحلته هذه نفعته نفعاً كبيراً. إذ أنه أطلع على مختلف أنماط الحياة النسكية ووقف على مبالغات بعض الرهابين التي اعتبر، كما ذكر هو فيما بعد، أنها تتخطى حدود الحرص والحكمة. كذلك مكنته المعطيات التي اجتمعت لديه من تبين مخاطر العزلة الكاملة وضرورة إيجاد طريقة تجمع، في آن، ما بين المرونة والدقة بحيث تحافظ على خير ما هو موجود وتنمية وتجتنب ما هو مشكوك فيه وتلغيه. فلما عاد إلى بلاده في الكبادوك بدا مستعداً للخوض في خبرات وتأملات رهبانية أبرزت اتجاهاته الشخصية في هذا الشأن.