لم يُسندا إليه أعمالاً صّعبة، فقط كان يسقي الحديقة ويعمل بالحفر على الخشب. بعد فترة أعطاه الشيخ مسبحة وقال له أن يردِّد صلاة يسوع كلّ مساء. في المنسك تعلّم القراءة بشكل لائق، إذ أخذ يردّد المزامير والعهد الجديد والقوانين...
في البدء لم يسمحا له بمغادرة المنسك، ولكنّه عندما تقوّى قليلاً، أخذ يخرج؛ وفي خروجه كان يردّد المزامير والعهد الجديد حتّى لا يدع ذهنه يتشتّت. وأحيانًا كان يذهب إلى كنيسة القدّيس جاورجيوس وينصرف إلى صّلاة يسوع والترتيل لأنّ صوته كان جميلاً.
لم يكن يسمح لنفسه باللجوء إلى الاستراحة أثناء حمله الأغراض إلى المنسك قائلاً لنفسه: ”سوف أريك، يا أيّها الحمار السّافل الصّغير!“ لم يعرف الكسل ولم يشفق على جسده. حتّى إنّه كان أحيانًا يمشي حافي القدمين على الطرق المُحْجرة والمغطّاة بالثلوج. وكان ينام قليلاً مُتغطّيًا بغطاء واحد على أرض القلاية فاتحًا النّافذة. وكان يضرب عددًا كبيرًا من المطّانيات ولا يسمح لنفسه بالاستسلام للنّوم. أراد أن يعيش طيلة حياته في الجبل ناسكًا مجهولاً من العالم.