شغفه بتعليم تلاميذه
كان شغف الشيخ بتعليم تلاميذه كبيراً. دخل، مرة، على تلميذه لاونديوس وبدأ يقول له: انظر لنفسك، يا بني، لا تتوان في خلاصك، فإنه ليس خير أعظم من أن ينظر الإنسان إلى نفسه ويعبد الله بطهارة الإسكيم الرهباني وهدوء الأفكار والتواضع الحقيقي والورع من غير مراءاة وحفظ القلب بنقاوة والتحنن بتوجع. يا بني، لا تنظر إلى أمور الإنسان البرانية وحسب فإنها كثيراً ما تكون مشوبة بالكذب يعتمدها الراهب ليصطاد بها سبح الناس ومدحهم. بالأحرى ليكن نظرك إلى حركات نفسك وأحوالها وإلى الفضائل المكملة في السر وإلى ما يرضي الله. ليكن حرصك أن تقترب من الله بالأعمال. ولا تكن سيرتك النط في صلواتك بالأقوال وحسب. ولا إذا قرأت المزامير تنر كثرة ما قرأت. ليكن همك في عفة الأفكار والانتباه وصحو الذهن لأن الديان لا ينظر إلى عدد المزامير بل إلى نية قارئها وعقله. قم أمام كرسي تسبحة الله وسبحه تسابيح نقية بخوف ورعدة بقدر ما يسمح عقلك. فإن لم تكن صلاتك كذلك فلا يرأف بك بل يغضب عليك. وستسمع نوح النبي القائل: ويل لمن يعمل عمل الله برخاوة. ليكن عقلك منتبهاً ساهراً كله. اتبع الفضائل ولا تنهزم للأهواء. لا نبق، يا حبيبي، كما نحن ولا نتوان، بل لنطلب المغفرة من الله من أجل ما سبق من غفلتنا واسترخائنا. لنعسكر بإزاء عساكر الشيطان، أعني الأفكار، ولنغضب عليها لأن من أجل هذا أعطينا الغضب. ينبغي أن تغلب الشر بالخير حتى ينظر الله إلى جهادك ويبعث لك بنعمته ويخلصك بموهبته ويجددك ويصيرك نقياً طاهراً كلك ورئيساً على أفكارك. لأنه بقدر شوقك وتعبك وحرصك يرق لك. فاحرص وجاهد لتكون لك النعمة. لا تتوان في الأغربنيات، خاصة مع الآباء، في الكنيسة، ليلة الأحد. فعليك، في ذلك الوقت، أن تصير في القيام ولا تبرح الكنيسة من دون اضطرار، لأن الراهب بقدر صبره وجهاده يأخذ من الله في الأغربنية إكليل الأسبوع برمته. وقد شهد قوم من الآباء القديسين من الذين تقدموا ومضوا إلى المسيح فقالوا: إن من يقف في الأغربنية صباح الأحد المقدس بصبر وحرص يأخذ من الله درجات عالية ونجاحاً وجوائز سماوية.