كان كلما اشتم رائحة الشياطين، في خروجه إلى البرية، لا يبرح المكان مصلياً منقطعاً عن كل طعام إلى أن يطردها من هناك. وكان لا يصلي في المكان الذي يعمل فيه عمل الأيدي.
اجتمعت عليه، مرة، في البرية، كلاب الأعراب فخاف قليلاً لكنه رفع يديه وذهنه إلى فوق قائلاً: الآن أجرب وأعلم إن كان الله يخلصني من هذه الضواري المنظورة بعدما خلصني من الضواري غير المنظورة. ولما قال هذا أضاف: أنا لك بكليتي يا مسيح الله! للحال انهالت على الكلاب سياط غير مرئية وانصرفت عنه.
وجاء يوم صار فيه المغبوط كاهناً وصارت تشمله نعمة الله ويملأ النور مكانه، فخشي العجب وطلب أن يقبض الرب الإله عنه المواهب في هذه الدنيا ويعطيه إياها في الآخرة فاستجيبت طلبته. صار الإله العظيم يعطيه على قدر طلبته، لاسيما في القداس الإلهي.