[walaa farouk]

الفقد، اختبار الحرمان، الموضع الخالي.. مرادفات لكثير مما يشعر به بعض منا في وقت ما من حياته، أو في مرحلة من مراحلها.
وفي البداية ربما تتابع الأحداث زمنياً ويتم ما يجب أن يتم، سواء من إجراءات السفر والهجرة لقريب أو صديق له دور مؤثر في حياتنا، أو كإجراءات الطلاق والانفصال إذا ما فسدت شراكتنا مع شريك الحياة، أو إتمام مراسم العزاء والدفن عند فقد عزيز لدينا، والكثير من صور الفقد التي نراها في الحياة على الأرض.
ولكن على المستوى النفسي داخلياً نكون في مرحلة عدم التصديق ورفض الأمر، بل والشعور بالضيق الشديد مما يجب أن نكون فيه وننجزه من تبعات ما حدث لأننا لا نعي الحدث بصورة كاملة.
وبعد وقت تأتي مرحلة الإدراك لما خسرناه وفقدناه، وهذا الإدراك يفجر مشاعر من الغضب بداخلنا ويفجر التساؤلات من نوعية: لماذا؟ ولماذا أنا؟ وينتابني شعور بفقدان المعنى لما حولى وما أفعله ولتفاعلاتي مع الآخرين.
وفي استمرار مرحلة تأجج مشاعر الغضب هناك تأثير سلبي على قدراتي الفكرية والذهنية وإعاقة في استخدام ملكاتي وقدرتي على التعاطي مع مفردات التفكير المنطقي الذي له هدف، ويصبح أسلوب تفكيري مشوش.
"لابد أن تحيى عبر ألامك بطريقة تدريجية لكي ما تجردها من سطوتها عليك"
"صوت الحب الداخلي – هنري نووين"
أي علي اختراق هذا الساتر من الخدر والسكون الذي كنت أحتمى به من الألم في البدايات وأقر بما حدث لي –وهذا صعب- لأواجه مشاعر الغضب والخوف وربما اليأس والعجز.
يراودني أحياناً في هذا التسلسل خيالات نابعة من رغبة داخلية في الانتقام وتحقيق العدالة –إذا كان لدي متهم صريح فيما حدث- أو ممن له صلة من قريب أو بعيد فيما حدث لي.
يقول ريتشارد رور: "الألم الذي لا يتحول ينتقل" وأقصد هنا أن نبدأ في تحويل معاناة الفقد إلى شيء ذو معنى يساهم في تطور مراحل الشفاء لي وربما لآخرين من حولي أيضاً، وإلا فالبديل أن استجابتي لما يعتريني من آلام تنتقل إلى موجات من العنف سواء موجهة لنفسي أو الآخرين أو الله.