[walaa farouk]

في حديثي عن الأمل أبدأ بأبيات شعر للشاعر "هلدرلن"
أيها الأمل! أيها الأمل العذِب! أيها الأمل العامل بطيبة!
أنت أيها النبيل، يامن لا يحتقر
بيوت الحزاني ويسعى اليها بحب
وبين البشر وقوى السماء يحكم

الأمل في حد ذاته هو جوهر الإنسان الحقيقي، هو الذي يمنح حياة الانسان معنى، دلالة، قيمة، هدف
ومذاق وبدونه يدخل الإنسان متاهات جانبيه، وطرق مسدودة وحلقات مفرغة قد لا يخرج منها طوال
حياته.
الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يأمل وذلك لأنه يضع المستقبل ويسعي دائما محاولاً تشكيله وصياغته
بطريقة أو بأخرى حتى يمنح حياته المعنى الذي يريده أما المخلوقات الأخرى فهي تعيش الحياة لحظة
بلحظة، لذلك هي تغادر الحياة كما أتت إليها دون أي أثر أو تغيير مقصود.
لا يعرف الأمل من لم يعرف اليأس، ينطلق الأمل من داخل الذات إلى خارجها لذلك لابد وأن يكون
الإنسان هو صانع الأمل، لا أن ينتظر من الأمل أن يصنع له حياته. ( يقولون احياناً خلي عندك أمل)
من الطريف أن نعرف أن الأمل واليأس مفرداتان أساسيتان تخصان الوجود الإنساني واليأس والأمل وجهان لعمله واحدة هي الإنسان، فالإنسان هو من ييأس وهو من يأمل. والأمل واليأس هما ينبعان من داخل الإنسان، فليس مصدر خارجي يجلب إلى الذات اليأس أو الأمل.
يرى كيركجارد أن الانسان حينما يكون يائساً يكون يأسه من ذاته وليس من أي شيء آخر. وهكذا الحال
بالنسبه للأمل، فأمل الإنسان ينبع من داخله فالذات تريد أن تحقق نفسها، وعندما تريد يكون هذا هو
الأمل وعندما تشعر الذات بالسعادة يعتبر هذا تحقيق للأمل وعندما يحدث إخفاق في تحقيق الذات تقع في اليأس.
الإنسان الآمل والإنسان اليائس كلاهما إنسان نشط وفاعل، وليس انسان سلبي ساكن. الإنسان الآمل هو
الذي يريد أن يحقق ذاته وإمكاناته وعندما لا ينجح أن يكون ما اختار أن يكون عليه يصبح يائساً وهنا
يكون أيضاً فاعلاً فهو يرفض كل ما يمنع ذاته من أن تصبح روحاً تحقق له ما أمل به.