ورغم تخلي عيسو عن حق البكورية، إلا أنه كان ينتظر أن يحظى ببركة أبيه إسحق باعتباره ابنه البكر، لولا أن رفقة الداهية ضيعت عليه – بتدبيرها الأريب - هذه الفرصة (تك 27: 1-10). فقد قبل يعقوب تنفيذ خطة أمه بعد أن أقنعته بها متحملة هي نتائجها (تك 27: 13). فصنعت له أمه من جديي المعزى الأطعمة التي كان أبوه يحبها، وألبسته ثياب عيسو الفاخرة التي كانت عندها في البيت، وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديي المعزى.
وهكذا ذهب متنكرًا إلى أبيه -الذي كان قد شاخ وكلت عيناه عن النظر- وقال له: "أنا عيسو بكرك. قد فعلت كما كلمتني. قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك" (تك 27:18 و19). ولكن إسحق ارتاب في الأمر لسرعة العودة ولصوت يعقوب. ولكن شكوك إسحق تبددت عندما جس يدي يعقوب ووجدهما مشعرتين كيدي عيسو أخيه، فقال له: قدم لي الأكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي0 فقدم له فأكل.. فقال له إسحق أبوه: "تقدم وقبلني يا ابني، فتقدم وقبله " وباركه بركة عظيمة قائلًا له: "كن سيدًا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين" (تك 27: 25-29).
وما أن خرج يعقوب بعد مباركة أبيه له، حتى جاء عيسو بصيده وصنع أطعمه لأبيه، وجاء بها إلىه قائلًا: "ليقم أبي ويأكل من صيد ابنه حتى تباركنى نفسك فإرتعد إسحق ارتعادًا عظيمًا جدًا " حالما اكتشف خدعة يعقوب، ومع ذلك لم يسحب بركته له، بل بالحري قال: "نعم ويكون مباركًا" (تك 27: 33).
وعندما سمع عيسو ذلك، "صرخ صرخة عظيمة ومرة جدًا" وطلب من أبيه أن يباركه هو أيضًا، ولكنه قال له: "قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك0 فقال ألا إن اسمه دعي يعقوب. فقد تعقبني الآن مرتين، أخذ بكوريتي، وهوذا الآن قد أخذ بركتي" (تك 27: 34-36). وهنا أدرك حماقة ما فعل عندما باع لأخيه حق البكورية، فندم، ولات ساعة مندم ! ولذلك يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "لئلا يكون أحد زانيًا أو مستبيحًا كعيسو، الذي لأجل أكلة واحدة باع بكوريته. فإنكم تعلمون أنه أيضًا بعد ذلك لما أراد أن يرث البركة رُفض إذ لم يجد للتوبة مكانًا مع أنه طلبها (البركة) بدموع " (عب 12: 16 و17).
ولما ألح على أبيه، قال له: "ماذا أصنع إلىك يا ابني..؟ هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك، وبلا ندى السماء من فوق. وبسيفك تعيش، ولأخيك تُستعبد ولكن يكون حينما تجمح أنك تكسر نيره عن عنقك" (تك 27: 37-40).