مسلسل النفي: الحلقة الأولى
فيما كان القديس أثناسيوس يتابع اهتمامه بشعبه كأسقف جديد عليهم، كان الآريوسيون يحيكون خيوط المؤامرة عليه. حقدهم تفاقم وكيدهم لم يخبُ. أفسافيوس النيقوميذي كانت له معارفه في البلاط. أبرز معارفه قسطنسيا، أخت قسطنطين الملك. فسعى لديها لتسعى لدى أخيها لردّ الاعتبار لآريوس. وكان أن صوّر المصوِّرون لقسطنطين أن قرارات مجمع نيقية لم تأتِ بالثمار المرجوّة لها لا على صعيد استتباب الأمن ولا على صعيد شيوع السلام والاتفاق. لذلك من الأوفق للعرش أن يكون متسامحاً ويدعو إلى التسامح. هذا يهدِّئ النفوس ويساهم في الحفاظ على وحدة الشعب بشكل أفضل. تبنى قسطنطين هذا المنطق وأعاد لآريوس الاعتبار وسمح له بمزاولة نشاطاته من جديد. إزاء هذا الموقف الإمبراطوري المفاجئ، كان رد أثناسيوس فورياً وحاسماً: لا! هذا مرفوض! في جوابه إلى الإمبراطور قال: "من المستحيل للكنيسة أن تستعيد من يقاومون الحقيقة ويشيِّعون الهرطقة وقد سبق لمجمع عام أن قطعهم". قسطنطين استاء لأنه ظنّ أن كلمته لا ترد، بالنسبة للدولة كما بالنسبة للكنيسة. أما أثناسيوس فلم يكن همّه الطاعة لقيصر دون قيد أو شرط بل الطاعة لله أولاً وأخيراً. كان مستعداً للتعاون مع القيصر طالما كان قيصر في خط الحقيقة الإلهية. أما وقد حاد عنها فهو الملوم. ليس أثناسيوس مستعداً للرضوخ للأمر الواقع. الحقيقة الإلهية فوق كل اعتبار.